القعدة. وفي يوم الأربعاء الخامس من شهر رمضان وقع مطر شديد في مدينة زبيد ونواحيها وكان ابتداؤَه وقت آذان العصر إلى ما بين المغرب والعشاء فهدمت بيوت كثيرة على أصحابها. ومات تحت الهدم على ما سمعت في مدينة زبيد نحو من ثمانين إنساناً ولم يبق بيت من بيوت المدينة صغيراً كان أو كبيراً إلا ما تشعث بعضه ومنها ما استولى عليها الخراب وهو كثير أيضاً.
وفي شهر ذي القعدة نزل السلطان إلى زبيد في عسكر جيد يريد الخروج على المفسدين من العرب وأرسل إلى الأمير نور الدين محمد بن مكائيل فلم يصل بل دافعه بالكتب مرة بعد أخرى وكان قد حسن له جماعة من بطانته أن يستولي على الجهات الشامية وهي سَهَام وسُرْدد ومَوْر ورحبان وبترك دؤَال ورمع خراباً فإذا قد استقوى بأموال الجهات المذكورة وغلب عليها قصد بعد ذلك زبيد وحينئذ تتسق له التهائم بأسرها وهي أمهات الأموال فيعجز السلطان وغيره عن مقاومته فوقع هذا الكلام منه موقعاً ورأى إنه كائن لا محالة فامتنع عن الوصول إلى السلطان.
وحصل من قضاء الله وقدره في الخيل من دواب السلطان وغيره داء يقال له مشفرا وقيل مشيفر فهلك في مدة يسيرة من خيل السلطان والعسكر عدد كثير حتى كاد يستولي عليها كلها فأخر السلطان عزم الخروج في ذلك الوقت.
وفي هذه السنة توفي القاضي جلال الدين علي بن محمد بن أبي بكر بن عمار وكان يومئذ يتولى الوزارة للسلطان وكانت له رياسة وسياسة وكان عاقلاً ساكن الريح حسن السيرة وتولى نظر عدن قبل أن يتولى الوزارة وكانت وفاته يوم الثالث والعشرين من شعبان من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الأمير صارم الدين داود بن إبراهيم الدمرداشي وكان أميراً كبيراً عالي الهمة من كبراء الأمراء ممكناً عند السلطان له سيرة حسنة وكانت وفاته في سلخ صفر من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي سنة إحدى وستين طلع السلطان من زبيد في غزة شهر صفر فلما استقر في