وفيها توفي الفقيه الإمام أبو العباس أحمد بن الفقيه علي بن أحمد الحرازي وكان مولده سنة ثلاث وأربعين وستمائة تفقه بالفقيه عبد الرحمن الأيني وبأبي شعبة وأخذ عن أبي حجر وغيره. ولما قدم المقري عبد الله البكراوي أخذ علم القراءَات وقرأَ عليه الحروف السبعة وكان بها عارفاً وأخذ أيضاً عن المقري شيئاً. وكان عارفاً بالفقه واللغة والنحو والحديث وبظاهر الأصول. وكان من ابرك الناس تدريساً قل ما قرأَ عليه أحد إلا انتفع به لبركته وحسن تدريسه وانتفع به خلق كثير من عدن وغيرها. وامتحن بالقضاء لما ولي ابن الأديب القضاء الأكبر وكان من خيار أهل زمانه. ومن غريب ما يذكر عنه أنه لم يعلم له صبوة وحج. وكانت وفاته سحر ليلة الثلاثاء لسبع بقين من رجب من السنة المذكورة رحمه الله.

وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح محمد بن إبراهيم بن سالم بن مقبل وكان فقيهاً فاضلاً مباركاً تفقه بالفقيه إسماعيل الحلي. وكان من أهل المروءات والحميات على أبناء الجنس والدين قدم سهفنة فأخذ عن فقيهها وأخذ عن أبى الخير بن منصور وسيط الواجدي وعن صالح بن علي الحضرمي. وكان يروي عنه وإليه هاجر ولد الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الأصبحي فآنسهُ وبش له وتوسع له ولأهله عدة سنين حتى رجع ولد الفقيه إلى بلده ولم يزل الفقيه على السيرة المرضية إلى أن توفي بذي حيران ودفن مع أهلها. وكانت وفاته في السنة المذكورة رحمه الله تعالى.

وفي سنة تسع عشرة وسبعمائة توجه السلطان الملك المؤَيد إلى الأعمال الشهانية فوقف في الكدراء وعزل بعض النواب وأمر آخرين. وكان القاضي صفي الدين مستمر الحكم في الدواوين. وفيها فوض السلطان الملك المؤَيد إلى الأمير علاء الدين كشدغدي نيابة السلطنة والأتابكية على العساكر المنصورة وتقدم في هذه الوظيفة تقدماً لم يسمع بمثله وحصل بينه وبين القاضي صفي الدين صهره منافسة في الظاهر والباطن.

وفي هذه السنة أيضاً حصل من السلطان تغير على الأمير شجاع الدين عمر ابن علاء الدين الشهابي فعزله عن وظيفته وقبض عليه وأودعه السجن ونسب إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015