على أن يجهز الأمير بيبرس في جيش كثيف إلى اليمن. وأمر على الأمير عز الدين الأشقر شاد الدواوين أن يتقدم إلى جهة قوص لعمارة المراكب فعمر نفيفاً وخمسين مركباً. وقدر الله موته وموت أولاده وعائلته وجميع أهل داره في أيام قلائل ولم يبق منهم أحد. فرجع الأمير سيف الدين سلار عن ذلك الرأي وأشار بأن يحضر الفقهاء والقضاة ومشائخ الخوانق وأصحاب الزوايا وأرباب الخير والصلاح إلى مقام السلطان الملك الناصر ليعلموه أن هذا الأمر لا يحل الأقدام عليه لان اليمن بلاد الإيمان وهي بلاد العلم والعلماء والفقهاء والصلحاء وأرباب الخير وملكها ثابت الولاية مستمر الحكم قد انعقد الإجماع عليه فلا يجوز البغي عليه. فرجع السلطان عن ذلك الرأي وجعل هذا لتأخير المشير.

ولما علم السلطان الملك المؤيد بذلك منع الكارم تلك السنة حتى الرسول بالعلم بذلك واستقرت الأمور على تسفير رسول من الديار المصرية إلى اليمن ومتعمم فكان الرسول رجلاً يسمى السعدي من مماليك الملك الظاهر. والمتعمم القاضي شمس الدين محمد بن عدلان أحد القضاة. وكان مضمون الرسالة تقرير الحال وإن السلطان قد رجع عما قدم عزم عليه. وفي خلال ذلك الرغبة إلى الصلح والموادعة. ثم توجه الرسولان إلى بلاد اليمن فحضرا مقام السلطان وكان السلطان يومئذ مريضاً لا يستطيع الكلام واتفق أن حدث بالأمير الواصل مرض أفضى به إلى الموت فتوفي في الثالث والعشرين من جمادى الأولى من سنة ثمان وسبعمائة. وكانت وفاته بزبيد في ظاهر المدينة. ورجع القاضي شمس الدين إلى الديار المصرية وصحبته جواب ما جاءَ بسببه.

وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاضل محمد بن عيسى بن علي بن محمد ابن أبي بكر بفتح اللام. وكان فقيهاً حافظاً لكتاب الله تعالى ومن احسن الناس لجهة به من سمعه يقرأ استغرب قراءته وطرب له. رتبهُ بنو عمران إماماً في الجامع بعد أبيه ولم يكن لديه فقه شاف. فلما انفصل بنو عمران أقام إماماً بعدهم نحو سنة ثم فصله بنو محمد بن عمر فأقام منفصلاً عدة سنين إلى أن توفي في الجنيد. وكانت وفاته في السنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015