وفي سنة ست وتسعين توفي السلطان الملك الأشرف محمد الدين عمر بن يوسف ابن عمر بن علي بن رسول. وكانت وفاته ليلة الثلاثاء لسبع بقين من المحرم أول شهور السنة المذكورة. وكان ولده الناصر يومئذٍ في القحمة والعادل في صنعاء لأمر أراده الله تعالى فاتفقت آراء الخدم الخاصة والعامة والستور الكريمة على إبراز بدر الجود. وإصباح شمس الوجود. وإن يزأر الليث في غابه. وإن يستقر الحق في نصابه. وان يسوس الدولة نعمانها. وإن يتسلم الحكمة لقمانها. فلما كان السحر من تلك الليلة تقدمت الأكابر من الخدام إلى مولانا السلطان الملك المؤيد وهو في مجلسه فأخبره بانتقال أخيه الملك الأشرف إلى رحمة الله تعالى فناله من الأسف ما ناله لفقد أخيه وداخل المسلمين من السرور ما كاد يذهب بنفوسهم. ومن فرح النفس ما يقتل. ولما خرج من سجنه طلب من والي الحصن سيفاً يكون في يده فأتى بثلاثة سيوف له ولولديه وسار حتى وقف على رأس أخيه وبكى بكاءً شديداً وتأسف عليه تأسفاً عظيماً ثم خرج من عنده وقد أمر بتجهيزه فقعد في تخت الملك إلى أن طلع الفجر فلما لاح ضوء الفجر أمر نوابة الحصن أن يصيحوا بالترحم على الملك الأشرف وبالصباح السعيد على الملك المؤيد فسبحان من لا يزول ملكه. ولا يبيد سلطانه.
وكان الملك الأشرف ملكاً سعيداً صالحاً براً باخوته وقرابته محباً لهم. وكان رؤوفاً للرعية عطوفاً عليهم وحصل في مدته في اليمن جراد عظيم استولى على الزرع والثمار فاشتكت الرعية إليه فأمر بمسامحتهم فتوقف الوزير عليهم وهو القاضي حسام الدين بن حسان بن أسعد العمراني ولم يمض المسامحة لهم كما أمر السلطان فاشتكوه إلى السلطان ثانية فكتب إليه يا فلان اقتصر عنهم ولا تفرقهم علينا فإنه يصعب علينا جمعهم.
ومن مناقبه رحمه الله تعالى أن رعية النخل بوادي زبيد كانوا قد تلفوا من الجور الشديد وإفلات الملوك عليهم فبلغ بهم الأمر أن من كان له نخل لا يزوجه أحد وأي امرأة كان لها نخل لا يتزوجها أحد إلا مغرور. وكان الرجل الذي ليس له نخل إذا تزوج امرأة لا نخل لها يقال عند عقد النكاح بينهما ومن سعادتهما أنه لا نخل لأحد