وَمَا تَأَخّر كتابي عَنْك هَذِه الْمدَّة مللا وَلَا خللا بالمودة وَلَا تهاونا بِحُقُوق الإخاء حاشى لله أَن يشوب الْأُخوة فِي الله جفَاء
وَلَا أَزَال أتعلل بعد وَفَاة الشَّيْخ الإِمَام (إِمَام الدُّنْيَا) رَضِي الله عَنهُ بالإسترواح إِلَى أَخْبَار تلامذته واخوانه وأقاربه وعشيرته والخصيصين بِهِ لما فِي نَفسِي من الْمحبَّة الضرورية الَّتِي لَا يَدْفَعهَا شَيْء على الْخُصُوص لما اطَّلَعت على مباحثه واستدلالاته الَّتِي تزلزل أَرْكَان المبطلين وَلَا يثبت فِي ميادينها سفسطة المتفلسفين وَلَا يقف فِي حلباتها أَقْدَام المبتدعين من الْمُتَكَلِّمين
وَكنت قبل وُقُوفِي على مبَاحث (إِمَام الدُّنْيَا) رَحمَه الله قد طالعت مصنفات الْمُتَقَدِّمين ووقفت على مقالات الْمُتَأَخِّرين من أهل الفلسفة ونظار أهل الْإِسْلَام فَرَأَيْت مِنْهَا الزخارف والأباطيل والشكوكات الَّتِي يأنف الْمُسلم الضَّعِيف فِي الْإِسْلَام أَن يخطرها بِبَالِهِ فضلا عَن الْقوي فِي الدّين فَكَانَ يتعب قلبِي ويحزنني مَا يصير إِلَيْهِ الأعاظم من المقالات السخيفة والآراء الضعيفة الَّتِي لَا يعْتَقد جَوَازهَا آحَاد الْعَامَّة
وَكنت أفتش على السّنة الْمَحْضَة فِي مصنفات الْمُتَكَلِّمين من أَصْحَاب الامام أَحْمد رَحمَه الله على الْخُصُوص لاشتهارهم بالتمسك بمنصوصات إمَامهمْ فِي أصُول العقائد فَلَا أجد عِنْدهم مَا يَكْفِي