.. فَلَا أوحش الرَّحْمَن مِنْك وَلَا خلت ... ربوعك من تِلْكَ الْعُلُوم الجليلة
وَلَا أقفرت مِنْك الطلول وَلَا نأت ... دِيَارك من تِلْكَ الصِّفَات الجميلة
وَلَا سكنت يَوْم الْوَدَاع دموعنا ... ولااكتحلت فِيك الجفون بغمضة
وَلَا احْتَجَبت أسماعنا عَنْك سَاعَة ... وَلَا أَيِست مِنْك الْعُيُون بنضرة
لقد كنت روحا للقلوب وراحة ... وقوتا وأنسا للنفوس النفيسة
تمسكت بِالدّينِ الحنيفي وَالْهدى ... وبالعروة الوثقى وأصل الشَّرِيعَة
ظَهرت إِلَى الدُّنْيَا بِأَحْسَن مظهر ... ورحت إِلَى الْأُخْرَى بأكمل رَوْحَة
وودعتنا توديع من غير رَاجع ... وفارقتنا والدر غير بعيدَة
شربت بكأس العارفين مدامة ... حَقِيقَتهَا من سر عين الْحَقِيقَة
وجدت بكأس الْفضل مِنْك تكرما ... على تابعين السّنة الأحمدية
فسبحان من أَعْطَاك من فضل جوده ... لقد نلْت قربا لَا ينَال بحيلة
لقد عِشْت محبوبا ومت مكرما ... عَلَيْك من الرَّحْمَن أزكى تحيني
وَمَا بَرحت تعلوك أنوار أنسه ... وَمَا زلت فِي عز وَقرب ورفعة
ومأواك جنَّات النَّعيم مَعَ الَّذِي ... تفرد من بَين الورى بالوسيلة
نَبِي الْهدى خير الورى صَاحب اللوا ... شَفِيع على الْإِطْلَاق فِي كل أمة
عَلَيْهِ صَلَاة الْحق ثمَّ سَلَامه ... على عدد الأنفاس فِي كل طرفَة
وَبعد فَللَّه المحامد كلهَا ... على مَا أرانا من وضوح المحجة
وَهَا أَنا يَا رَبِّي عبيد متيم ... عساك ترى حَالي وَتغْفر زلتي ...