.. كالغيث أقلع بعد سح عيمه ... وَتَخَلَّفت من بعده الْآثَار
مَا كَانَ إِلَّا طود علم باذخ ... من دون وزن حصاته القنطار
مَا كَانَ إِلَّا بَحر جود كَفه ... تياره بنواله زخار
مَا كَانَ إِلَّا دِيمَة معروضها ... بهباته لعفاته مدرار
مَا كَانَ إِلَّا الْبَدْر عِنْد كَمَاله ... وافاه من نقص التَّمام سرار
مَا كَانَ إِلَّا خير أمة أَحْمد ... فِي الْعَصْر لم تسمح بِهِ الْأَعْصَار
حبر وبحر للمكارم والتقى ... والجود وَالْإِحْسَان فِيهِ بحار
وَلكم لِأَحْمَد فِي المحامد رُتْبَة ... من طولهَا تتقاصر الأفكار
وَله مَنَاقِب مَا لحصر صفاتها ... عد وَلَا حد وَلَا مِقْدَار
وَله الشُّعُور بِكُل علم نَافِع ... عقلا ونقلا فِي الْأَنَام شعار
وَله التزهد والتعبد والتقى ... مَا بَين أَرْبَاب الدُّثُور دثار
وَله إِذا فَخر الفخور بزينة ال ... دنيا بتشعيب الْحَيَاة فخار
ولأشرف الْأَشْيَاء علم نَافِع ... لَا دِرْهَم يُغني وَلَا دِينَار
إِن أظلمت سبل النهى لسكونه ... فلذكره فِي الْخَافِقين منار
وَلَقَد علا الْإِسْلَام جلّ مصابه ... لَكِنَّهَا لَا تدفع الأقدار
لَو كَانَ فِي الدُّنْيَا يَدُوم مخلدا ... بشر لخلد أَحْمد الْمُخْتَار ...