وَقد كَانَت فِي بِلَاد المملكة السُّلْطَانِيَّة حرسها الله تَعَالَى تكال إِلَيْنَا جزَافا بِغَيْر أَثمَان منحة عَظِيمَة من الله للسُّلْطَان ونعمة جسيمة إِذْ خص بِلَاد مَمْلَكَته وإقليم دولته بِمَا لَا يُوجد فِي غَيرهَا من الأقاليم والبلدان وَكَانَ قد وَفد الوافدون من سَائِر الْأَمْصَار إِلَى تِلْكَ الديار فوجدوا صَاحب صواع الْملك قد رفع إِلَى القلاع وَمثل هَذِه الْميرَة لَا تُوجد فِي غير تِلْكَ الْبِلَاد لتشترى أَو تبَاع فصادف ذَلِك جَدب الأَرْض ونواحيها جدبا أعطب أهاليها حَتَّى صَارُوا من شدَّة حَاجتهم إِلَى الأقوات كالأموات وَالَّذِي عرض للْملك بالتضييق على صَاحب صواعه مَعَ شدَّة الْحَاجة إِلَى غذَاء الْأَرْوَاح لَعَلَّه لم يتَحَقَّق عِنْده أَن هَذَا الإِمَام من أكَابِر الْأَوْلِيَاء وأعيان أهل الصّلاح وَهَذِه نزغة من نزغات الشَّيْطَان قَالَ الله سُبْحَانَهُ {وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن إِن الشَّيْطَان ينزغ بَينهم إِن الشَّيْطَان كَانَ للْإنْسَان عدوا مُبينًا}
وَأما إزراء بعض الْعلمَاء عَلَيْهِ فِي فتواه وَجَوَابه عَن مَسْأَلَة شدّ الرّحال إِلَى الْقُبُور فقد حمل جَوَاب عُلَمَاء هَذِه الْبِلَاد إِلَى نظرائهم من الْعلمَاء وقرنائهم من الْفُضَلَاء وَكلهمْ أفتى أَن الصَّوَاب فِي الَّذِي بِهِ أجَاب
وَالظَّاهِر بَين الْأَنَام أَن إكرام هَذَا الإِمَام ومعاملته بالتبجيل والاحترام فِيهِ قوام الْملك ونظام الدولة وإعزاز الْملَّة واستجلاب