وَفَرَّقَهُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ مِنْ الزَّكَاةِ التَّطْهِيرُ، وَالْأَبُ أَحَقُّ وَمِنْ النَّفَقَةِ الْحَاجَةُ، وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصَّدَقَةِ. اهـ. وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالسُّبْكِيِّ وَالْبَازِرِيِّ وَبَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ كَابْنِ عَقِيلٍ تَبَعًا لِعَلِيِّ بْنِ الْمُوَفَّقِ وَكَانَ فِي طَبَقَةِ الْجُنَيْدِ وَلِأَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ النَّيْسَابُورِيِّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إهْدَاءَ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي هُوَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْمُجِيزِينَ وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ يُمْنَعُ وَابْنُ الْعَطَّارِ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ وَقَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ لَا يُرْوَى عَنْ السَّلَفِ وَنَحْنُ بِهِمْ نَفْتَدِي ثُمَّ قَالَ: وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ بَلْ بِاسْتِحْبَابِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا كَانَ يُهْدَى إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الدُّنْيَا وَلِمَا طَلَبَ الدُّعَاءَ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَحَثَّ الْأُمَّةَ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُ بِالْوَسِيلَةِ عِنْدَ الْأَذَانِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ اتَّبَعْت وَإِنْ فَعَلْت فَقَدْ قِيلَ بِهِ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ الْجَزَرِيِّ وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ الْأَحْوَطُ التَّرْكُ مِنْ كَنْزِ الرَّاغِبِينَ لِلْبُرْهَانِ النَّاجِي مُلَخَّصًا.
(فَائِدَةٌ)
مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا يُفْعَلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبُلْدَانِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ الْكَثِيرَةِ الْعَظِيمَةِ السَّرَفِ فِي لَيَالٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ السَّنَةِ كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُضَاهَاةُ الْمَجُوسِ فِي الِاعْتِنَاءِ بِالنَّارِ فِي الْإِكْثَارِ مِنْهَا وَمِنْهَا إضَاعَةُ الْمَالِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ وَمِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ مِنْ اجْتِمَاعِ الصِّبْيَانِ وَأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَلَعِبِهِمْ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ وَامْتِهَانِهِمْ الْمَسَاجِدَ وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا وَحُصُولِ أَوْسَاخٍ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي يَجِبُ صِيَانَةُ الْمَسْجِدِ عَنْهَا شَرْحُ الْمُهَذَّبِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَرَّحَ أَئِمَّتُنَا الْأَعْلَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ فِيهِ إسْرَافًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ مِنْ بَابِ الطَّعَامِ وَأَلْوَانِهِ مَا نَصُّهُ " كَانَتْ سُنَّةُ السَّلَفِ أَنْ يُقَدِّمُوا جُمْلَةَ الْأَلْوَانِ دَفْعَةً لِيَأْكُلَ مَا يَشْتَهِيهِ. اهـ. فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَلْوَانِ جُمْلَةً مِنْ سُنَّةِ السَّلَفِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْعَرَبِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْأَرْوَامُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَلْوَانِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ لَوْنَيْنِ» فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَا كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ لَوْنَيْنِ فِي لُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ مِنْ الْبَابِ الْمَزْبُورِ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَا كَانَ يَجْتَمِعُ لَوْنَانِ فِي لُقْمَةٍ فِي فَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ لَحْمًا لَمْ يَكُنْ خُبْزًا وَإِنْ كَانَ خُبْزًا لَمْ يَكُنْ لَحْمًا» . اهـ. (فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ) لِلْعَيْنِيِّ مِنْ كِتَابِ الْعِيدَيْنِ مِنْ بَابِ الْحِرَابِ، وَالدَّرَقِ يَوْمَ الْعِيدِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَمَّا الْغِنَاءُ فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّهْوِ، وَاللَّعِبِ الْمَذْمُومِ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا مَا يَسْلَمُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَيَجُوزُ الْقَلِيلُ مِنْهُ فِي الْأَعْرَاسِ، وَالْأَعْيَادِ وَشِبْهِهِمَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ تَحْرِيمُهُ وَبِهِ يَقُولُ أَهْلُ الْعِرَاقِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى إبَاحَةِ الْغِنَاءِ وَسَمَاعِهِ بِآلَةٍ وَبِغَيْرِ آلَةٍ وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ غِنَاءَ الْجَارِيَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ إلَّا فِي وَصْفِ الْحَرْبِ، وَالشَّجَاعَةِ وَمَا يَجْرِي فِي الْقِتَالِ فَلِذَلِكَ رَخَّصَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ وَأَمَّا الْغِنَاءُ الْمُعْتَادُ الَّذِي يُحَرِّكُ السَّاكِنَ وَيُهَيِّجُ الْكَامِنَ الَّذِي فِيهِ وَصْفُ مَحَاسِنِ الصِّبْيَانِ، وَالنِّسَاءِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا اعْتِبَارَ لِمَا أَبْدَعَهُ الْجَهَلَةُ مِنْ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّك إذَا تَحَقَّقْتَ أَقْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ وَرَأَيْت أَفْعَالَهُمْ وَقَفْتَ عَلَى آثَارِ الزَّنْدَقَةِ مِنْهُمْ
وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ الدُّفِّ أَتَكْرَهُهُ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ لِمِثْلِ الْمَرْأَةِ فِي مَنْزِلِهَا، وَالصَّبِيِّ
(قَالَ) : لَا أَكْرَهُهُ وَأَمَّا الَّذِي يَجِيءُ مِنْهُ اللَّعِبُ الْفَاحِشُ، وَالْغِنَاءُ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ إلَى أَنْ قَالَ أَيْ الْعَيْنِيُّ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَثْرَةُ التَّنْغِيمِ وَإِخْرَاجُ الْإِنْشَادِ عَنْ وَجْهِهِ إلَى مَعْنَى