تَنْصَرِفُ إلَى عَمْرٍو فَحَسْبُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ أَنَّ الذُّكُورِيَّةَ رَاجِعَةٌ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ دُونَ وَلَدِ الصُّلْبِ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ عَلَى عَكْسِهِ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى بَنِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَنُو عَمْرٍو فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى زَيْدٍ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي كَامِلُ الدِّينِ مُفْتِي الْأُمَّةِ الْخَطِيبُ بِأَصْفَهَانَ وَقَالَ الْهَاءُ تَنْصَرِفُ إلَى الْوَاقِفِ دُونَ ابْنِهِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمَعْطُوفِ لِتَأَخُّرِهِ دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَدُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَتَحَرَّرَ أَنَّهُ فِي جَعْلِ الْوَصْفِ قَيْدًا لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ مَعًا أَوْ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ خِلَافٌ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ هِلَالٌ وَصَاحِبُ الْإِسْعَافِ وَعَلَى الثَّانِي صَاحِبُ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَاسْتَوْجَهَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ كَمَا مَرَّ.
وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَّا إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَقَدْ صَرَّحَ أَئِمَّتُنَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ بِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَهُوَ لِلْكُلِّ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ لِلْأَخِيرِ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا عَلِمْت فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ وَبِهَا صَرَّحَ الْخَصَّافُ أَيْضًا وَأَمَّا جَعْلُ الْوَصْفِ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا عَوَّلَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَصْفَ لِلْأَخِيرِ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ هُوَ الْمُضَافُ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ التَّخْصِيصِ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَعْطُوفِ فَإِنَّهُ مَقْصُودٌ بِذَاتِهِ كَالْمُضَافِ نَعَمْ قَوْلُ الْأَشْبَاهِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْخُلُوِّ عَنْ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ فَحَيْثُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْوَصْفِ أَوْ الضَّمِيرِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ نَحْوِهِ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ أَوْ الْمُتَضَايِفَيْنِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا اتَّبَعَتْ كَمَا لَا يَخْفَى فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَنَى بِتَحْرِيرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبِالْعَمَلِ بِالْقَرِينَةِ صَرَّحَ فِي التَّحْرِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ حَيْثُ ذُكِرَ أَنَّهُ لِلْأَخِيرِ إلَّا لِدَلِيلٍ وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الطِّفْلِ الْمَدْعُوِّ حَسَنًا وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ إلَى أَنْ قَالَ فَإِذَا انْقَرَضَ الذُّكُورُ فَعَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِنَّ إلَخْ ثُمَّ حَدَثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ثُمَّ مَاتَ حَسَنٌ الْمَذْكُورُ فَهَلْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ رَاجِعٌ إلَى حَسَنٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ فَلَا يَدْخُلُ مُحَمَّدٌ فِي الْوَقْفِ أَمْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْوَاقِفِ فَيَدْخُلُ مُحَمَّدٌ فَأَجَابَ مُفْتِي الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ مَوْلَانَا الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْوَاقِفِ وَلَا يَتَوَهَّمُ رُجُوعَهُ إلَى وَلَدِهِ حَسَنٍ مَنْ لَهُ نَوْعُ إلْمَامٍ بِمَسَائِلِ الْفِقْهِ.
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ إنَّ إرْجَاعَهُ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّا لَا يَشُكُّ ذُو فَهْمٍ فِيهِ إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلَّفْظِ مُحْتَمَلَانِ يَجِبُ تَعْيِينُ أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ بِالْغَرَضِ وَإِذَا أَرْجَعْنَا الضَّمِيرَ إلَى حَسَنٍ لَزِمَ حِرْمَانُ وَلَدِ الْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ وَاسْتِحْقَاقُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَفِيهِ غَايَةُ الْبُعْدِ وَلَا تَمَسُّكَ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَحْظُورِ وَهَذَا لِغَايَةِ ظُهُورِهِ غَنِيٌّ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ لَهُ اهـ.
فَقَدْ أَرْجَعَ الضَّمِيرَ إلَى غَيْرِ الْأَقْرَبِ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ خَضِرٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ فَمَاتَ خَضِرٌ عَنْ بِنْتِهِ مُؤْمِنَةَ ثُمَّ مَاتَتْ مُؤْمِنَةُ عَنْ ابْنِهَا مُحَمَّدٍ ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ سُلَيْمَانَ وَمُؤْمِنَةَ وَعَائِشَةَ ثُمَّ مَاتَتْ مُؤْمِنَةُ عَنْ وَلَدَيْهَا أَحْمَدَ وَبَكْرِيٍّ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ بَكْرِيٌّ عَنْ بِنْتِهِ فُلَانَةَ ثُمَّ مَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ بِنْتِهَا فَخْرَى فَهَلْ لِفَخْرَى بِنْتِ عَائِشَةَ