الظَّاهِرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ حِرْمَانُ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَتَخْصِيصُ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ وَلَوْ كَانُوا إنَاثًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَقُلْ أَبْنَاءُ الذُّكُورِ وَلَا أَبْنَاءُ الْأَوْلَادِ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ جَعَلَهُ قَيْدًا فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَرَأَيْت الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ فِي التَّمْهِيدِ نَقَلَ أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَأَمَّا بِثُمَّ فَيَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ اتِّفَاقًا اهـ مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ فَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَوْدِ الْوَصْفِ إلَى الْأَخِيرِ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ إنَّهُ الْأَوْجَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الذُّكُورِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِلْمُضَافِ فَقَطْ أَوْ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعًا وَالْمَعَانِي مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ وَالْأَوَّلُ أَفْتَى بِهِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ نَقَلَ عَنْهُمْ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ وَالثَّانِي أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْإِشَارَةِ وَلَمْ يُعَوِّلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى كَوْنِهِ قَيْدًا لِلْكُلِّ مِنْ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَقَدْ مَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْوَلِيِّ أَبِي زُرْعَةَ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ فِي عَوْدِ الْمُتَعَلِّقَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ جُمَلٍ أَوْ مُفْرَدَاتٍ مِنْ شَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِالْأَخِيرِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إنَّمَا يَظْهَرُ جَرَيَانُهَا فِي الْمُتَعَاطِفَيْنِ دُونَ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ عُلَمَائِنَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصْفِ بِالذُّكُورَةِ هَلْ هُوَ قَيْدٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ لِتَأَخُّرِهِ وَأَمَّا جَعْلُهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ وَقْفِ هِلَالٍ الْبَصْرِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ قُلْت أَرَأَيْت إنْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ قَالَ فَهِيَ لِمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ قُلْت وَالذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ قَالَ نَعَمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْفُقَرَاءِ أَنِّي أُعْطِي مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الذُّكُورُ وَقَوْلُهُ الذُّكُورُ وَالْفُقَرَاءُ وَاحِدٌ اهـ.

فَقَدْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ وَكَذَا جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ حَيْثُ خَصَّهُ بِذُكُورِ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ وَبِذُكُورِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَوْ كَانُوا أَوْلَادَ بَنَاتٍ وَلَوْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ لَكَانَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَمَا قِيلَ أَنْ هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي الْأَشْبَاهِ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي لَفْظُ الْأَوْلَادِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ قَوْلَ هِلَالٍ فَهِيَ لِمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ صَرِيحٌ فِي كَوْنِهِ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُخَالَفَةُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَعَتْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَالذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ فَعَدَمُ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَ لَفْظِ الذُّكُورِ يَبْقَى قَيْدًا لِلْمُضَافِ فِي عِبَارَةِ هِلَالٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْكَمَالِ وَفِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْإِنَاثِ يَكُونُ لِلْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِهِ دُونَ ذُكُورِهِمْ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُنَّ فِيهِ سَوَاءٌ اهـ فَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا.

وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ وَقَفَ عَقَارًا وَجَعَلَ وِلَايَتَهُ إلَى نَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ فُلَانٍ مَا عَاشَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ إلَى الْأَعَزِّ الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَإِنَّهَا مُنْصَرِفَةٌ إلَى الِابْنِ دُونَ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ تَنْصَرِفُ إلَى أَقْرَبِ الْمَكْنِيَّاتِ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ وَلِذَلِكَ مَسَائِلُ ثَلَاثٌ إحْدَاهَا إذَا وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ أَنَّ الْهَاءَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015