أحدها: بالتوكل على الله، والثاني: بالتفويض إلى الله، والثالث: بألاّ يأس عن المخلوقين، والرابع: بتذكرة ضعف الخلق وقلة حيلتهم، والخامس: بتذكرة العزّ والذي والرفعة والوضع من الله لا من المخلوقين، لقول الله تعالى: (قل اللهم مالك الملك) والسادس: بتذكرة جزاء الأعمال بعد الموت عند الميزان والجنة، والسابع: بتذكرة وسوسة الشيطان إياه الرياء والثناء والمحمدة بألاّ يقبل ذلك منه.
فشكل الإخلاص الاستقامة على ذلك العمل، وضده الرياء، وللمخلص ثلاث علامات: أولها: أن يخاف من المحمدة لأنه يبطل عمله، ويعطل عمره في تلك الأعمال، ولا يرجو الثواب إلاّ من الله، والثاني: لا يخاف ملامة اللائمين، لأن من خاف من ملامة الناس ترك كثيراً مما كان لله فيه رضا ويكون خوفهم ملامة الله، والثالث: لا يحب المعذرة لأن صاحب المعذرة لا يكون مخلصاً.
وثلاثة أشياء من فعال المخلص: أولها: أن يتكلم بالحق، وإن كان مراً ولا يبالي ممن يكون، والثاني: أن يعمل بالحق ولا يتركه مخافة الناس وإن لم يكن له عون لأن الله تعالى يعينه في طاعته، والثالث: إذا أراد أن يعمل من مخافة الله فلا يدع شيئاً من مخافة الناس، فإن مخافة الله تمنع قلبه من مخافة الناس، ولا يكون الرجل مخلصاً حتى يجتهد في هاتين الخصلتين، أولها: أن يجتهد حتى يكرمه الله بالأمن وقد يكفل الله له من مصلحة نفسه. والثاني: أن يكون ذاكراً لضعف الناس إنهم لا يقدرون أن يصنعوا به شيئاً غير الذي قدره الله له فاخلص العمل لله، فنعم الباب الإخلاص، فطوبى لمن رزقه الله ووفقه للإخلاص.
تفسير التواضع وضده التكبر والبطر
تفسير التواضع
والتواضع من المتواضع يكون بخمسة أشياء: أحدهما: بتذكرة أوله أنه خُلق من نطفة، والثاني: بتذكرة أوسطه أنه صاحب البول والغائط والنتن والقبح والقمل وسائر ما يعتريه من عيوب، والثالث: بتذكرة آخره أنه يصير جيفة منتنة ثم يصير تراباً رميماً، والرابع: بتذكرة ضعفه وقلة حيلته عند أدنى شدة نزلت به لا يستطيع أن يردّها عن نفسه، وقال: النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد يتواضع لله عز وجل إلاّ رفعه الله "، والخامس: بتذكرة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أوله نطفة وأوسطه القيح والدم والبول والغائط وآخره جيفة في القبر ".
وضد التواضع التكبر، والتكبر والعجب شكل. وللتواضع ثلاثة علامات: أولها: أن يلبس الصوف والخلقان لأن فيه ذل النفس، والثاني: يحب الغربة لأن في الغربة مذلة لنفسه، والثالث: لا يحب معرفة الناس لأن في معرفة الناس عزاً.
وثلاثة أشياء من أفعال المتواضع: أولها: أن ذله لا يشغل بطلب المعذرة لأن في المعذرة إيقاع الذل عن نفسه ومد العز إلى نفسه، والثاني: لا يغضب على أحد بهوى نفسه لأن الغضب من فعل الجبارين، والثالث: إذا عمل عملاً من أعمال البر في السر فلا يظهره، فإن في إظهاره عزاً، وإذا طلب العزّ ترك التواضع، ولا يكون الرجل متواضعاً حتى يكون ذاكراً ممن خُلق، خُلق من نطفة منتنة، ويكون ذاكراً إلى ما يصير عاقبته ومصيره إلى ميتة جيفة.
وقال الحسن، " كيف يفخر ابن آدم وقد خرج من سبيل البولين "؛ وقال أيضاً: " كيف تفخر وأولك نطفة وآخرك جيفة "، فنعم الباب التواضع، فطوبى لمن وفقه الله للتواضع.
تفسير السخاوة وضدها البخل
تفسير السخاوة
السخاوة من السخي، تكون بخمسة أشياء: أحدها: بتذكرة المقدور، والثاني: بتذكرة الخلف، والثالث: بقصر الأمل، والرابع: بتذكرة فراغ تهيؤ إجابة الموت، والخامس: بتذكرة كثرة البقاء في الآخرة وخفة الحساب.
فشكل السخاوة غناء القلب، وضد السّخاوة البخل، والبخل وفقر القلب شكل وللسخي ثلاثة علامات: أولها: أن لا يكون محباً للشيء، لأن من أحبّ شيئاً لا يقدر على السخاوة، والثاني: يحب الضيف حتى ينقص ما عنده من حطام الدنيا، ويزيد في الدرجات عند الله، والثالث: يرى الشيء على نفسه حملاً ثقيلاً فيعمل في خفته.
وثلاثة أشياء من فعال السخي: