يسلك ابن رشد في إثبات صفة الكلام، المسلك الذي سلكه في إثبات صفة الحياة والقدرة والإرادة، وهو الاستدلال بثبوت صفة العلم لأن الكلام في فلسفة ابن رشد ليس شيئاً أكثر من أن يفعل المتكلم فعلاً يدل به المخاطب على العلم الذي في نفسه أو الفعل الذي يصير المخاطب بحيث ينكشف له ذلك العلم الذي في نفسه، وذلك فعل جملة الأفعال وأغرب من هذا قوله: "وقد يكون من كلام الله ما يلقيه الله إلى العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بواسطة البراهين، وبهذه الحجة صح عند العلماء أن القرآن كلام الله".
وقد توسع ابن رشد في مفهوم الكلام إلى أن أدخل في مسمى كلام الله ما يتكلم به علماء الفلاسفة بدعوى أن الله ألقى إليهم الكلام بواسطة البراهين.
يقف أبو الوليد في هذه المسألة موقفاً شاذاً خطيراً، لم يسبق إليه - فيما نعلم - وذلك أنه خالف الأشعرية القائلة بالكلام النفسي واللفظي معاً على أن النفسي هو الكلام الحقيقي لله، واللفظي دال عليه