ومن الصفات التي يثبتها: صفة الحياة والإرادة والقدم، يثبت هذه الصفات بدليل عقلي مؤيد بالأدلة النقلية، وإن كان الاعتماد عنده على الأدلة العقلية على طريقة أهل الكلام.
بل يرى أن الاعتماد على الأدلة النقلية والوقوف عندها طريقة الجمهور, والجمهور في اصطلاح ابن رشد هم من ليسوا بالفلاسفة الذين يسميهم (الحكماء) .
فيقول - في إثبات هذه الصفات بعد أن تحدث عن صفة العلم -: إنّ صفة الحياة والإرادة والقدرة، وجودها ظاهر في صفة العلم، وذلك يظهر في الشاهد أن من شرط العلم الحياة والإرادة والقدرة، والشرط عند المتكلمين يجب أن ينتقل فيه الحكم إلى الغائب، وما قالوه صواب، وهذا التصويب يعتبر إنصافاً من ابن رشد، وعلى الرغم من كثرة مناقشته الحادة للأشاعرة والمعتزلة يعترف لهم بالفضل فيما أصابوا فيه لأن الحق ضالة المؤمن أخذها أين وجدها ولو كانت عند المتكلمين.
وبعد: فقد لاحظنا فيما سبق أن الفيلسوف بن رشد كثيراً ما يناقض نفسه، إذ رأيناه غير مرة يقف مواقف كان يعيبها على أهل الكلام، من التأويل ودعوته المعنى الجمهوري، والمعنى الخاص لبعض النصوص، ولا عجب في ذلك لأن التناقض يكاد يكون وصفاً ذاتياً للفلاسفة كلهم، إلا ما شذ أو من شذ وقليل ما هم.
فليس أبو الوليد بدعاً من الفلاسفة، هذا ما يهون الأمر علينا، وقديماً قيل: "إذا عمت هانت"