وكذلك الأمر إذا كان مأموره كليًا، نحو: صم عشرة أيام، فإن لفظ (العشرة) موضع في لسان العرب لمفهوم هو (كل)، وهو مجموع العشرة- وقد تقدم الفرق بين الكلي والكلية والكل، والجزء والجزئية والجزئي- فإذا قال- بعد ذلك-: صم عشرة أيام متتابعات، فصامها متتابعات، كان قد عمل بالدليلين؛ لأن مفهوم قولنا: (عشرة) داخل في مفهوم قولنا: (عشرة أيام متتابعات).
وكذلك الخبر إذا كان خبرًا كلًا، نحو: رأيت عشرة رجال، رأيت عشرة رجال صالحين، فالمطلق الأول حاصل في المقيد، فإذا اعتقدنا: أنه رأى عشرة رجال صالحين، فقد أعملنا الخبرين، واعتبرنا الدليلين.
فهذه أربعة أقسام يتجه فيها العمل بالدليلين.
أما إذا كان الأمر مأموره كلية، نحو: زكوا عن الغنم، فإن صيغة الغنم صيغة عموم؛ لأجل لام التعريف، فإذا قال- بعد ذلك-: زكوا عن الغنم السائمة، فهذا مقيد بالسوم، ويلزم من حمل المطلق الأول عليه خروج المعلوفة عن وجوب الزكاة، ولا يحصل مفهوم العموم الحاصل من الإطلاق في مفهوم المقيد، بل بعضه خاصة، وهو السائمة، فهذا تنقيص وتخصيص وتناف