من ذلك عدم الإرادة في هذا المركب الخاص، ولا يلزم من ذلك عدم وضع لفظ العموم للعموم.

وعن الثاني: أن البيان إنما حصل بدليل العقل، وإنما يلزم تحصيل الحاصل أن لو حصل البيان قبله، بل به.

وعن الثالث: أن النسخ بيان مدة الحكم، والعقل لا يتصور منه بيان المدة، فإن هذا حكم في أحد طرفي الجائز، بل لا يعلم ذلك إلا بغير العقل والذي يفرق بين جائز وجائز، أما العقل فيسوي بين الجائزات في الجواز، ولا يستقل إلا في ثلاثة مواطن: جواز الجائزات، ووجوب الواجبات، واستحالة المستحيلات.

وقال الإمام فخر الدين رحمه الله: يصح النسخ بالعقل؛ لأن من سقطت رجلاه سقط عنه فرض غسل الرجلين، وذلك إنما عرف بالعقل.

قلت: وهذا باطل لوجهين:

أحدهما: أن (ثبوت الأحكام) في الشريعة يتوقف على حصول محالها وشروطها، فانتفاء الأحكام عند انتفاء المحل والشروط، لا يكون نسخًا، وإلا كان يلزم أن من افتقر وذهب النصاب منه أنه يقال: إنه نسخ وجوب الزكاة في حقه، فيلزم انسخ بعد وفاته عليه الصلاة والسلام (في حق كل واحد)، وكذلك إذا تعذر المحل الذي (يلزم) فيه الطلاق أو العتق أو غيرهما، يلزم أن يكون ذلك كله نسخًا، ولا قائل به، بل لا نسخ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015