كانت إحداهما مرادة بدلًا من الأخرى، أو بالعكس، والمراد على البدل لا شمول فيه؛ لأن المطلقات كلها كذلك، فإن الله تعالى إذا قال: اعتقوا رقبة، كانت كل رقبة مرادة على البدل، فيعتق إما هذه "بدل" عن تلك، أو تلك "بدل" عن هذه، وإذا كان الواقع في الأحوال هو هذا المفهوم، كان المقصود حاصلًا، وهو أنها مرادة على سبيل الإطلاق والبدل، وهو المطلوب، وهو المراد بقولنا: إن الله تعالى أمر بقتل كل مشرك في كل حالة، معناه: إما هذه، وإما تلك.

وكذلك القول في الأزمنة والبقاع فإن الجمع بينهما متعذر، كما تقرر في الأحوال المتضادة، فلم يبق حينئذ إلا أحوال غير متضادة، مثل السمع والسفر، والقيام والجلوس، ونحو ذلك من المختلفات.

وبقيت المتعلقات أيضًا، فإنها يمكن الجمع بينها، فتشرك بأشياء كثيرة. وهذه الأمور بخصوصياتها إن ادعى أحد أن اللفظ يدل على العموم فيها دون غيرها، وأن الوضع اللغوي يشعر بها دون غيرها، فقد أبعد وتحكم من غير مستند، وأيضًا إذا سلم ذلك، فيقال لقائله: هل أرد الله تعالى قتل المشرك إذا اجتمعت فيه، أو إذا افترقت، أو مجتمعة مفترقة؟ ، فإن أراد: إذا اجتمعت، فلا يقتل من انفرد بحالة منها، وهو خلاف الإجماع، وإن أراد مجتمعة ومفترقة، فإن الاجتماع والافتراق ضدان، لا يجتمعان، فمن المحال أن يراد القتل فيهما، لما تقدم في الضدين، بقي أن يريد: في أحدهما، لا بعينه، على البدل، وهذا هو الإطلاق بالضرورة، وقد تقدم آنفًا بسطه وتقريره.

فهذه البراهين وافية، وكل واحد منها كاف في تحقيق هذه القاعدة، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015