"من"، والقول بالعموم في الاحتمال يقتضي اجتماع حالة العقل مع الحالات، فيتعين التغليب والتعبير بلفظ "من".
وحيث كان الواقع والمنقول هو التعبير بلفظ "ما"، دل ذلك على عدم العموم في الأحوال، وهذا متجه جدًا.
وإذا اتضح ذلك لك في الأحوال، اتضح في الأزمنة والبقاع والمتعلقات، فإن الجميع نسبته واحدة وبحث واحد، فيكون العام في الأشخاص مطلق في الأحوال والأزمنة والبقاع والمتعلقات، ويكون معنى قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين}، اقتلوا كل مشرك ما، في حالة ما، في زمن ما، في مكان ما، ويكون شركه شيء ما.
وبرهان ثالث على هذا المطلوب: قد دل على قتل كل مشرك مثلًا، والمشرك له أحوال متضادة متنافية كالشبع والجوع، والعطش والري، والإقامة والسفر، والحركة والسكون، والقيام والقعود وغير ذلك من الأحوال الأضداد التي يتعذر الجمع بينهما، فمن المحال أن يقول الله تعالى: اقتلوا كل مشرك في الحالتين المتضادتين، فإن ذلك لا يتأتى إلا بطريقين: إما أن نقتله في حالة اجتماعهما، واجتماع/ الضدين محال، وإما أن نقتله مرة في هذه الحالة، ونقتله مرة أخرى في الحالة الأخرى، وهذا أيضًا محال، لتعذر تكرر القتل في الشخص الواحد، فتعين بالضرورة أن يريد الله إحدى هاتين الحالتين على البدل، إما أن نقتله في هذه، أيهما وجدت وقع القتل فيها، وإذا