وأنكرت عليهم ذلك سمعوا وأطاعوا, فإذا لبسها لمثل ذلك كان فيه أجر؛ لأنه سبب لامتثال لأمر الله تعالى.
وقد نصّ العلماء على كراهة لبس الثياب الخشنة لغير غرض شرعي.
قلت: من البدع ما أحدثه من لم يتمسك من العلم بسبب, وما له سوى الدنيا طلب, من لباس المرقعات والجبب, زاعمين أن الهدى العمري لهم قدوة, وفيه لهم أعظم أسوة, وإنِّي بذلك لقلوب من محبة الدنيا ملئت قسوة, كلاَّ! بل طبع على قلوبهم الرين, فلم يفرقوا بين القبيح والزين, وجعلوا تلك المراقيع لاقتناص الدنيا آلة, ولأكل أموال الناس بالباطل حبالة, والسالم من ذلك منهم متعبد على جهالة.
تنبيه: يؤخذ من هذا الحديث أفضلية الثياب البيض على غيرها من سائر اللباس واستحباب لبسها, وإتيان جبريل فيها, وتكفين الأموات دليل على ذلك, وروى أبو داود والترمذي (?) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم, وكفنوا فيها موتاكم".
ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: "كفِّن رسول صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب سحولية" (?) .
وقوله: "فأسند ركبتيه إلى ركبتيه" هذا فيه تصريح بأنه جلس بين يديه دون جانبه, ولعل العلماء أخذوا استحباب جلوس المتعلمين بين أيديهم من جلسة جبريل, ولكن جبريل بالغ في القرب حتى وضع كفيه على فخذيه.