عين, بل لم يخالط قلبه من شبه الإشراك رين, فتبرَّأ من الآلهة الباطلة التي قومه لها عابدون, فقال: {قَال يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} (الأنعام: من الآية 78) فلهذا قال تعالى {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} أي التي هي الصراط المستقيم, والدين الواضح القويم, وبترك طريقته السوية المنهاج, ويعدل بها ذات الاعوجاج, {إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} أي ظلمها بسفهه وتقصيره, وسوء نظره وتدبيره, بتركه الحق وميله للضلال ومصيره, حيث خالف نهج من اصطفاه رب العباد في الدنيا للهداية والرشاد, من حداثة سنه إلى بلوغ المراد, وفي الآخرة من الصالحين الفائزين بالرضوان والإسعاد, فيا له من سفه ما أعظمه! وجور ما أكبره وأفخمه.
وقوله: {فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (البقرة: من الآية 132) وصية منه بإخلاص الدين لله, وإحسان العمل له في حال الحياة, وملازمة ذلك؛ ليرزقكم الله بفضله عليه الوفاء. فإن المرء غالبا يموت على ما عليه في الدنيا يكون, ثم يأتي على تلك الحال يوم يبعثون, والله الكريم من فضله العميم تفضَّل بأن من قصد الخير يسر إليه, ومن نوى صالحاً ثبت عليه, وأكف عنان القلم عن تفسير باقي آيات القرآن, حتى يقف صافناً (?) عن اتساعه في هذا الميدان, ونكتفي بما حرَّرناه وقدَّرناه من البيان في هذه الآيات الرفيعة الشأن؛ لأنَّ جميع معناها الصحيح الواضح, ومقتضاها الصريح الصادع الصادح, يؤول إلى أنَّ الدين المطلوب المراد, المقصود من جميع العباد, الذي هو السرُّ والحكمة في الإيجاد, دين الإسلام العظيم, الذي هو الصراط المستقيم, الذي دعا الله عباده كافة بالاستقامة عليه, وحثَّهم على الدخول فيه والمبادرة إليه. إذ لا عمل يقبل