حتى يقولوا لا إله إلا الله, فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم" , فقال له أبو بكر رضي الله عنه: أليس قد قال: "إلا بحقها", "ومن حقها إقام الصلاة وإيتاء الزكاة, ولو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلهم عليه" (?) .
ومن ذلك اختلافهم في تنصيص أبي بكر على عمر رضي الله عنه في الخلافة, ثم في أمر الشورى حتى استقر الأمر على عثمان.
وقد وقع بينهم اختلاف في بعض أحكام فرعية: كاختلافهم في الكلالة, وميراث الجد مع الأخوة, وعقل الأصابع, وديات الأسنان ... وغير ذلك.
فهذا هديهم رضي الله عنهم في حال الوفاق, وشأنهم عند اختلاف الآراء والافتراق, والرجوع والرد إلى ما أمرهم الله تعالى عند التنازع بالرد إليه, وندبهم إلى ذلك في كتابه وحثهم عليه.
فالفرقة الناجية من العذاب, الآمنة من فزع يوم الحساب, هم الذين سلكوا سنن الصواب, وحكموا فيما اختلفوا فيه السنة والكتاب, واقتفوا في ذلك منهاج الأصحاب, وهم الذين إذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانا, وامتلأت قلوبهم معرفة به سبحانه وتعالى وإيقانا, فشدوا عقد الأعمال على الصواب إحكاما وإتقانا, وصيروا كتاب الله تعالى نورا يستضيئون به في دجى المشكلات وبرهانا, فإن قصرت أفهامهم فلم يستخرجوا منه على مرادهم سلطانا, ردوا إلى السنة التي جعلها الله تعالى إيضاحا وإفصاحا لما اختلفوا فيه وتبيانا, وإلى عمل الصحابة الذين اقتبسوا من مشكاته في حياته, فاستضاؤوا بلآلىء أنواره بعد