أن تنقضي (?) الدنيا, يبلغ من معه من ثلاثمائة فصاعد إلا سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته" (?) , فهؤلاء هم الذين استحوذ عليهم الشيطان فأغواهم, فعدلوا عن الحق واتبعوا هواهم, كتب الله تعالى عليهم الخذلان, فقيض لهم بعدله الشيطان, فحسن لهم القبيح, وزين لهم سيء الأعمال, فاستحبوا طريق الغي والضلال, قادهم بمكره وكيده فأوداهم, واستدرجهم بخداعه فأرداهم, فلما تمكن من قصده بهم ناداهم, وهم مصطادون في شبكة الاحتيال {فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} (إبراهيم: من الآية 22) , ما لكم من الله من وال, هيهات تفرقت بهم السبل عن الصراط المستقيم, فطوحت بهم إلى سواء الجحيم, تيسيرا إلى قضاء الله المحتوم, وقدره المبرم المختوم, وإبداء لذلك وتحقيقا, وتنجيز الوعد لوعد الصادق المصدوق, وإظهارا لهذه المعجزة بعده وتصديقا, فقد حقق الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في أمته وعده, فظهروا وتفرقوا حتى استكملوا تلك العدة, ولم يكن ذلك عن طول أمد, بل وقع في اقصر مدة, وكان مبدؤهم كما ذكرنا من قسمة غنائم حنين, وظهور أسوأ القول ممن في قلبه رين, غيرانه لم يقع بها تظاهره, ولا مساعدة ولا تناصر, ولم يشب لنارها ضرام, ولم يكن وقودها جثث وهام, إلا أيام علي بن أبي طالب رضي اله عنه, فقتلهم بالنهروان, فصار لها من تلك الأيام إعلان, وقام لها دعاة وأعوان, ونشرت أعلامها في أكثر البلدان, فانبعثت القدرية, وأول من قال به وقام, معبد الجهني بالبصرة فضل وأضل أقواما, ثم المعتزلة, ثم الجهمية, ثم الشيعة والإمامية.