عليه الصلاة والسلام, ففي ضمنه أخبار لهم وتذكير بما حازوا به من العز الكبير, والخير الكثير, الواسع الغزير, بعد ما كانوا عليه من سوء الحال وضيق العيش, وسفاهة الأحلام والطيش, فنالوا ببركة ما جاءهم من النور, المج والشرف والنصر على الأعداء والظهور, ولو لم يكن إلا الهداية إلى الإسلام, والإقلاع عن عبادة الأوثان والأصنام, ولا شرف أعظم من ذلك به يسعدون ويشرفون {وَإِنَّهُ لذِكْرٌ لكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} (الزخرف:44) .
وقد بين لهم ذلك عليه الصلاة والسلام, وامتن عليهم في معرض العتب في الكلام, فقال: "ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي, وكنتم متفرقين فألفكم الله بي, وعالة فأغناكم الله بي, وكلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن" (?) , فإذا كان صلى الله عليه وسلم منهم, والله قد فضلهم به, وأنجز لهم ما وعدهم على لسانه, ولم يعملوا بما جاءهم به ولم يهتموا بشأنه, فغيرهم من الناس بالإعراض أولى وأجدر, لأنهم إنما حسدوهم على هذا الشرف الأكبر, والذكر الجميل الأنور. وهذا الحديث الذي رواه أحمد قد روي من طرق متعددة مختلفة.
فروى الحاكم في مستدركه: "افترقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين فرقة, وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: "من كان على ما أنا عليه وأصحابي" (?) .