الله من عباده ومسلم من غير نزاع, وأما خاصته وخيرته من عباده, فالكلام معكم فيه من وجهين:
إما أن تمنعوا شفاعتهم, وتنفوا ما أثبت الله تعالى ونبيه لهم من الشفاعة, فهذا كفر بواح.
وإما أن تثبتوها كما أثبتها الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم لهم بطريق التفضل, وتعتقدون أنهم يشفعون ويشفعون, فكيف يكون سؤالها وطلبها منهم كفرا مبيحا للدم والمال؟! (?) .
فنقول في الجواب عن هذا: اعلم أن أصدق الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد, والقرآن العظيم هو الصراط المستقيم, الذي لا يؤمه إلا الأتقى, ولا يعدل عن نوره إلا الأشقى, فمن التمس الهدي من غيره ضل, ومن أضاع منه نصيبه زل, ونحن نثبت ما أثبته القرآن, وننفي من الشفاعة ما نفى, ولا ندين الله إلا بذلك, وكفى به شرفا, ومن ابتغى وراء ذلك فقد جاء إدا وسرفا.
وتحقيق الجواب عن هذه الشبهة والارتياب: أن الذي ندين الله به, ونعتقد أن الله تعالى في الآخرة يتفضل على خاصته من عباده, وخيرته من خلقه بالشفاعة, بعد إذنه لهم فيمن يشفعون له, وبعد رضاه أعمال المشفوع لهم وأقوالهم, وإنه لا يرضى سبحانه وتعالى إلا التوحيد, فهذه الشفاعة المقيدة بهذه القيود الثلاثة, يكفر منكرها, ويحرمها كل جاحد كنود؟!.. وأجلها وأعظمها شفاعة نبينا في فصل القضاء, وهي المقام المحمود, فهي في الحقيقة لله تعالى, فإذا أراد رحمة عبده شفع إلى نفسه, فأذن لمن شاء أن يشفع فيه وقد دل على