خاتمة في الكلام على شيء من بدع الضلالة التي أحدثها أهل الأهواء والسفه والجهالة, وعمت البلوى بها في سائر الأقطار, على توالي الأعوام والأعصار, فهي في عامة البلدان, محكمة الدعائم والأركان, منشورة فيها لها الأعلام, مشهورة بين الخاص والعام, غلب على أهلها الهوى فمالوا إليها, واستجالهم الشيطان فحملهم عليها, وزين لهم أنها الوسيلة إلى رب الأرباب, والقربة التي تنجي من العذاب, {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (ص: من الآية 26) .
فمن ذلك: ما بني في كل بلد من القباب, والمشاهد التي لا ينكر وجودها أحد, ولا تكاد تحصى بحساب ولا عدد, ورفع القبور التي فيها وتغطيتها بالتوابيت المتخذة من الأخشاب, ونشر غالي اللباس عليها وغالي الثياب, وتخليقها في كثير من الأيام والليالي بأنواع الأطياب, وغلقها بالأقفال والأبواب, واتخاذ السدنة لها والنواب, وقصدهم بفعل هذه البدع الرجسية الذميمة, وتعظيمهم لعظائم هؤلاء الموتى الرميمة, وإيقاع الإجلال لهم, والخوف منهم, والرغبة فيهم, والتوقير في قلوب العباد, حتى استمالوها واستحوذوا عليها, وكانوا لها عبادا, واعتقدوا فيها جلب النفع ودفع الضر ونيل المدد والإمداد, وحصول السعادة والإسعاد وصيروهم من دون الله أندادا, والغاية من هذه الأمور التي هي الكفر والشرك والإلحاد, والتوصل لإلى الدنيا والاصطياد بهذه الحبائل التي لا تزال كل يوم لهم تصطاد, وقد أدركوا بهذا السؤال والمراد, ونالوا كثيرا من الأموال بسبب ما أظهروه من الاعتقاد, ولم يبالوا بما وقعوا فيه من الطرد والإبعاد, عن جناب من تقدس بوحدانيته, وتنزه في