لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (الزمر: من الآية 3) .

فلم يبرح صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الكلمة الجامعة, ويهديهم للتي هي أقوم, وهي الملة الحنيفية الساطعة, ويجاهدهم بالآيات والبراهين القاطعة, وأكثرهم بها يكذبون {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} (المؤمنون: من الآية 71) وهدى الله تعالى عباده المؤمنين إلى الصراط المستقيم, فآمنوا به وعزروه, ونصروا دينه القويم, فنالوا بذلك الفوز العظيم {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} (التوبة:21) {لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (التوبة:88) .

فجد صلى الله عليه وسلم في الإعلان بالدعوة, واستمرّ, وجاهد هو وصحبه من أعرض عن التوحيد ونفر, لا يبالون بما ينالون من الأذى والمحنة والضرر, ممَّن أبى عن الحقِّ وتولى وكفر {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل وَلا تَسْتَعْجِلْ لهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ} (الأحقاف: من الآية 35) {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} (الصافات:174-175) فلم يزل هو وأتباعه يلقون من قومهم ما يلقون, ويفتنون في ذات الله ويؤذون, فيصبرون على ذلك ويرضون {أَلم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت:2) إلى أن أذن الله تعالى أن يعلي كلمته, وينصر دينه, ويمد في سائر الأقطار تمكينه, ويعمم ظهوره وتبيينه, فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالمهاجرة إلى المدينة فهاجر صلى الله عليه وسلم إليها, وتتابع على ذلك المهاجرون {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال:33) .

فشرع الله تعالى لنبيه الجهاد, وفرض عليه قتال أهل الشرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015