ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلتْ قُلُوبُهُمْ} (الحج: الآية 34-35) وقال: {أَلمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَل مِنَ الْحَقِّ} (الحديد: من الآية 16) وقال: {اللَّهُ نَزَّل أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر: من الآية 23) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتغير حاله عند الموعظة كما قال جابر: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه, وعلا صوته, واحمرت عيناه, كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم". خرجه البخاري ومسلم (?)
وقوله: "يا رسول الله, كأنها موعظة مودع, فأوصنا" يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قد أبلغ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها, فلذلك فهموا أنها موعظة مودع؛ فإن المودع يستقصي ما لا يستقصي غيره في القول والفعل, وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي صلاة مودع؛ لأن من استشعر أنه مودع بصلاته أتقنها على أكمل وجهها, ولربما كان قد وقع منه تعريض بالتوديع في تلك الخطبة, كما عرض بذلك في خطبته في حجة الوداع, وقال: "لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا" (?) وطفق يودع الناس, فقالوا: هذه حجة الوداع, ولما رجع من حجه إلى المدينة, جمع الناس بماء بين مكة والمدينة يسمى خما, وخطبهم فقال: "يا أيها الناس, إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب" ثم حض على التمسك بكتاب الله ووصى بأهل بيته. خرجه مسلم. (?) (?) .