وكان لأحمد بن عجلان سيرة مشكورة ومحاسن مذكورة؛ لأنه كان كثير العدل فى الرعية مكرما للتجار، وسمح لهم بأشياء كثيرة، فكثر ترددهم إليه، فأثرى وكثر ماله مما كان يحصل له منهم من الموجبات والهدايا السنية، وقرر بينه وبينهم ضرائب معروفة فى الزكائب والزوامل، فلم يكن يتعدى ذلك، وقرر أمورا يسمح لهم بها فيما لا يريدون فيه بيعا من الأزواد والقرطلات وغيرها مما يختص بالتاجر وأتباعه، فما خالف ذلك.
وكان نوابه بجدة معه فى أرغد عيش؛ لأنهم كانوا يكارمون بالأسقاط ويكارمهم بالهدية، ويعلم بذلك السيد أحمد بن عجلان، فلا ينالهم منه كبير ضرر، وإنما يؤدبهم بغرامة لطيفة، وكان يحسن لبنى عمه ذوى رميثة بأشياء مقررة لهم فى كل شهر تقوم بكفايتهم.
وذلك فيما قيل غرارتان فى كل شهر، وأربعمائة درهم، وقيل مائتا درهم، وقيل ثلاثمائة غير ما يزيدهم على ذلك من منافع يسألونها منه.
ولهم عليه رسوم فى كل موسم، كل سنة عشرة آلاف درهم لكل نفر، يزيد بعضهم سرا على ذلك، وربما بلغت الزيادة لبعضهم عشرة أخرى.
وكان يحسن كثيرا إلى من سواهم من بنى حسن من الأشراف والقواد وعبيده وأتباعه. وما وجد بالإحسان إليهم إلا خيرا؛ لأنه ملك ما لم يملكه غيره من الخيل والسلاح والعبيد، وبلغت خيله نحو أربعمائة وعبيده نحو ثمانمائة، على ما قيل فيهما، وما تأتى ذلك لمن كان قبله من أمراء مكة المقاربين لعصره، ويسر الله تعالى له عقارا طائلا جدا بوادى مر، عظم انتفاعه به، وذلك خيوف (?) أحياها، فملكها من غير شريك فيها، وهى الأصفير، والبحرين (?) والبثنى والحميمة (?)، وأحيا أيضا