من حجّ من الخلفاء والملوك، وسميته: «الذهب المسبوك فى ذكر من حجّ من الخلفاء والملوك»، تذكرة للخاطر الشريف بما هو منّى أدرى، وأحق بإفادته وأحرى، وأنى ـ فيما فعلت وصنعت ـ كمن أهدى القطر إلى البحر، أو بعث النور إلى القمر، والأرج إلى الزهر، بل كالذى أرسل الضياء إلى الشمس، وروح الحياة إلى النفس؛ غير أن فى كريم أخلاقه الزكية، وزاكى أعراقه المرضية، ما يقبل اليسير، ويتجاوز عن الخطأ والتقصير. رعى الله المخدوم من حيث لا يرتقب، وحرسه من حيث لا يحتسب، وكان له فى سفره خفيرا، وفى حضره عونا ونصيرا.
* * *
فصل
فى حجة الرسول صلى الله عليه وسلم
افتتحت بها هذا الجزء إذ كان صلى الله عليه وسلم هو الذى بيّن للناس معالم دينهم، وقال: «خذوا عنّى مناسككم» (?) وقد امتلأت كتب الحديث بذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفرد فيها الفقيه الحافظ أبو محمد بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسى مصنفا جليلا، قد اعترض عليه فى مواضع منه، أجبت عنها فى كتاب «شارع النجاة». وملخص حجة الوداع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل ذو القعدة تجهّز للحج، وأمر الناس بالجهاز له، وأذّن فيهم، فاجتمعوا (?) ثم صلى الظهر ـ يوم الخميس لست بقين من ذى القعدة سنة عشر من الهجرة بالمدينة ـ أربعا (?)، وخرج منها بمن معه من المسلمين من أهل المدينة ومن تجمّع من الأعراب، وهم عشرة آلاف، بعد ما استعمل على المدينة، أبا دجانة الساعدى، ويقال: سباع بن عرفطة الغفارى، فصلى العصر ـ بذى الحليفة ـ ركعتين (?)، وبات بها. وأتاه آت (?) من ربه تعالى فى ذلك الموضع ـ وهو وادى العقيق (?) ـ وأمره ـ عن