ودامت ولاية الوليد بن عروة على مكة، إلى انقضاء ولاية مروان، فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ولما سمع بقدوم داود بن على العباسى إلى مكة، بعد مصير الخلافة لابن أخيه أبى العباس السفاح، هرب منه الوليد إلى اليمن، لأنه أيقن بالهلكة، بسبب ما فعله مع سديف بن ميمون، فإن سديفا كان يتكلم فى بنى أمية ويهجوهم، ويخبر بأن دولة بنى هاشم قريبة، وبلغ ذلك عنه الوليد بن عروة، فتحيل، حتى قبض على سديف وحبسه، وجعل يجدله فى كل سبت مائة سوط، كلما مضى سبت، أخرجه وضربه مائة سوط، حتى ضربه أسبتا. وما ذكرناه من فعل الوليد بسديف، وهروبه إلى اليمن، خوفا من داود بن على، ذكره الفاكهى بمعنى ما ذكرناه.
شيخ مكى، روى عن مسلم الزّنجى، وعنه عبد الله بن شبيب، ووثقه، وشاذان، والنضر بن سلمة. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. وقال: ذكره ابن عدى، وما كان ينبغى له أن يورده، فإنه وثّق، ثم ساق له حديثا، وبرّأ ابن عدى ساحته، وقال: البلاء فيه من شاذان.
قال ابن عبد البر: أسلم يوم الفتح، هو وأخوه خالد بن عقبة، وأظنه يومئذ كان قد ناهز الاحتلام، وضعف ابن عبد البر الحديث المروى عن الوليد هذا، فى أن أهل مكة، لما فتح النبى صلى الله عليه وسلم مكة، ظل أهلها يأتون بصبيانهم، فيمسح على رءوسهم، ويدعو لهم بالبركة، وأنه أتى به إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فلم يمسح عليه من أجل الخلوق الذى خلّقته به أمه.
وذكر ابن عبد البر، أن هذا الحديث منكر مضطرب لا يصح، ولا يمكن، واستدل على كونه لم يكن صبيا حين فتح مكة بأمرين، أحدهما: ما ذكره الزبير وغيره من أهل العلم بالسير والخبر، من أن الوليد، وعمارة ابنى عقبة، خرجا ليردّا أختهما أم كلثوم