لأنى ابن بنت رسول الله، فقال: لو كنت ابن بنت رسول الله، ما فعلت الذى فعلت، حين ولاك الله أمر عباده وبلاده، فاستعذر أبو عزيز وقال: قد تبت إلى الله، وصدقت عليك مالك فقال الرجل: نعم، الآن أنت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا فقد تصدقت بجميع ذلك المال، شكرا الله تعالى على أن أعتق من العار والنار، شخصا يعتزى إلى ذلك النسب الكريم.
فقال أبو عزيز: الحمد لله على كل حال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم استدعى شاهدين ونص عليهما الحكاية، ثم قال: فاشهدا أنى قد أعتقت هذه الجارية، ووهبت لها من المال كذا وكذا، فإن أراد هذا اليمنى أن يتزوجها، فعلىّ صداقها عنه، وما يتجهزان به إلى بلاده، وما يعيشان به هناك فى نعمة ما شاء الله، فقال اليمنى: قد قبلت ذلك، ولم ينفصل إلى بلاده إلا بها. انتهى.
وقال أبو شامة فى أخبار سنة سبع عشرة وستمائة: وفيها فى جمادى الأولى مات بمكة أبو عزيز قتادة بن إدريس أمير مكة، الشريف الحسنى الزيدى، كان عادلا منصفا، نقمة على عبيد مكة والمفسدين، والحاج فى أيامه مطمئنون، آمنون على أنفسهم وأموالهم.
وكان شيخا مهيبا طوالا، وما كان يلتفت إلى أحد من خلق الله، ولا وطئ بساطا لخليفة ولا غيره، وكان يحمل إليه فى كل سنة من بغداد، الخلع والذهب، وهو فى داره بمكة، وكان يقول: أنا أحق بالخلافة من الناصر لدين الله ولم يرتكب كبيرة على ما قيل: وكان فى زمانه يؤذّن فى الحرم «بحى على خير العمل»، على مذهب الزيدية، وكتب إليه الخليفة يستدعيه ويقول: أنت ابن العم والصاحب، وقد بلغنى شهامتك وحفظك للحاج، وعدلك وشرف نفسك، وعفتك ونزاهتك، وقد أحببت أن أراك وأشاهدك، وأحسن إليك، فكتب إليه:
ولى كف ضرغام
الأبيات الأربعة.
إلا أن فيما ذكره أبو شامة فيها مخالفة لما سبق، فى لفظيات يسيرة، منها أنه قال:
ولى كف ضرغام أذل ببطشها
ومنها: وكل ملوك الأرض.
ومنها: أأجعلها تحت الرحى. ومنها [من الطويل]: