مائة درهم كل شهر على ما للجامع الأموى، ثم رجع إلى اليمن، ونال بها رئاسة عند صاحبها المؤيد بن المظفر، وكتب له الدرج، وربما وزر له.

فلما مات المؤيد، صودر وجرت عليه خطوب من المجاهد بن المؤيد؛ لأنه لايم الظاهر ابن المنصور أيوب بن المظفر، الثائر على المجاهد، ثم انتقل إلى الحجاز، وأقام بها مدة.

وكان قد أقام بمكة قبل ذلك ثمان سنين مع أبيه، على ما ذكر الجندى فى تاريخه، ثم قصد مصر فى سنة ثلاثين وسبعمائة. وولى بها تدريس المشهد النفيسى، وشهادة البيمارستان المنصورى، ثم تحول إلى القدس وتولى بها تصديرا، ثم تحول إلى القاهرة فى آخر سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وأقام بها حتى مات فى ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، ودفن بمقبر الصوفية. وقيل: توفى بالقدس.

ومولده فى ثانى عشر صفر سنة ثمانين وستمائة بعدن، على ما ذكر الجندى فى تاريخ اليمن، وهو أقعد بمعرفته. وإنما ذكرنا ذلك، لأن البرزالى، ذكر أنه ولد بمكة. وقد تبعه فى ذلك غير واحد، وقد كتب عنه البرزالى وغير واحد من الفضلاء، منهم الشيخ أبو حيان النحوى، وأثنوا عليه.

ومن شعره، ما أنشدناه غير واحد من أشياخنا، منهم: أبو الخير محمد بن الزيد بن أحمد بن محمد المكى، بقراءتى عليه بمكة، عنه إجازة [من الطويل]:

لعل رسولا من سعاد يزور ... فيشفى ولو أن الرسائل زور

يخبرنا عن غادة الحى هل ثوت ... وهل ضربت بالرقمتين خدور

وهل سنحت فى الروض غزلان عالج ... وهل أئلة بالسايرات مطير

ديار لسلمى جادها واكف الحيا ... إذا ذكرت خلت الفؤاد يطير

كأن غنا الورقاء من فوق دوحها ... قيان وأوراق الغصون ستور

تمايل فيها الغصن من نشوة الصبا ... كأن عليه للسلاف مدير

متى أطلعت فيه الغمائم أنجما ... تلوح ولكن بالأكف تغور

إذا اقتطفتها الغانيات رأيتها ... نجوما جنتها فى الصباح بدور

وفى الكلة الوردية اللون غادة ... أسير لديها القلب وهى تسير

بعيدة مهوى القرط أما أثيثها ... فصاف وأما خطوها فقصير

من العطرات العرف مازان فرقها ... ذرور ولا شاب الثياب بخور

حمتها كماة من فوارس عامر ... ضراغمة يوم الهياج ذكور

فما الحب إلا حيث يشتجر القنا ... وللأسد فى أرجائهن زئير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015