وقد علمت أنه لم يبق أحد من بعد النبى صلى الله عليه وسلم، من بنى عبد المطلب، غير العباس وحده، وارثه مرتين، ثم طلب هذا الأمر غير واحد من بنى هاشم، فلم ينله إلا ولده، فالسقاية سقايتنا، وميراث النبى صلى الله عليه وسلم ميراثنا، والخلافة فى أيدينا، فلم يبق فضل ولا شرف فى الجاهلية والإسلام، إلا والعباس وارثه ومورثه والسلام. انتهى.

وفى سنة خمس وأربعين ومائة، خرج على المنصور أيضا، إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، أخو محمد بن عبد الله بن الحسن المقدم ذكره بالبصرة. وكان قدمها فى عشرة أنفس، واختفى بها، واتفق له فى اختفائه أمور يتعجب منها، وحاصل الأمر، أنه بايعه نحو أربعة آلاف.

فلما بلغ المنصور خروجه، اشتد قلقه لكثرة خوفه ووجله، فنزل بالكوفة ليأمن غائلة الشيعة بها، وألزم الناس حينئذ بلبس السواد حتى العوام، وجعل يسجن ويقتل كل من اتهمه، والشيعة يعلون بها، ويبايعون سرّا لإبراهيم، حتى اتسع الخرق، وعظم الخطب، وخرج إبراهيم والخلائق مقبلة إليه، فتحصن منه نائب البصرة، ثم نزل إليه نائب البصرة بأمان، وأنفق إبراهيم فى عسكره ما وجده فى الخزانة، وكان ستمائة ألف، وبعث سراياه إلى الأهواز (?) وفارس وواسط (?) وبعث المنصور لحربه عامرا المكى فى خمسة آلاف فارس، فالتقوا أياما. فقتل من جموع إبراهيم خلق كثير، ثم التقى عسكره مع عسكر عيسى بن موسى بعد رجوعه من المدينة مظفرا، والمنصور فى ذلك كله لا يقر ولا ينام، لما حصل فى نفسه من الخور، وإلا حوله بالكوفة مائة ألف سيف كامنة مضمرة للشر، ولولا سعادته لزال ملكه، ولو هجم إبراهيم الكوفة لاستولى على الأمر، وظفر بالمنصور، ولكنه ترك ذلك تدينا. وقال: أخشى إن هجمنا الكوفة أن يستباح الصغار والنساء. وكان جنده يختلفون عليه، وكل واحد يشير برأى، إلى أن التقى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015