كان من أعيان تجار العجم وخيارهم، له فى الكعبة وفى الحرم ومكة المشرفة آثار تحمد.
منها: الرباط المشهور بمكة عند باب الحزورة من المسجد الحرام، وقفه على جميع الصوفية الرجال دون النساء، أصحاب المرقّعة، من سائر العراق، سنة تسع وعشرين وخمسمائة، كما فى الحجر الذى على بابه الذى بالمسجد، ووقفت على كتاب وقفه، وأظنه عندى.
وقد خرب كثيرا لما احترق المسجد فى آخر شوال سنة اثنتين وثمانمائة، فتطوع بعمارته غير واحد، أعظمهم جدوى فى ذلك، الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، فإنه بذل لعمارته مائتى مثقال ذهبا، فأزيل بها غالب ما كان فيه من الشعث، أثابه الله.
ومنها: أنه عمل للكعبة المعظمة ميزابا وزنه سبعون منا، وصل به بعد موته، خادمه مثقال، مع مكبّة للمقام، ومجمرتين، وركب الميزاب فى الكعبة، ثم قلع وأبدل بميزاب أنفذه الخليفة المقتفى العباسى، كما ذكرنا فى تأليفنا «شفاء الغرام ومختصراته».
ومنها: أن فى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، كسى الكعبة المعظمة، لما لم يصل لها كسوة من جهة الخليفة، لاشتغاله بالحرب الذى كان بينه وبين الملك السلجوقى إذ ذاك، وكانت كسوة رامشت بثمانية عشر ألف مثقال مصرية، على ما ذكر ابن الأثير، وذكر أنها من حبرات وغيرها.
ورأيت فى بعض التواريخ، أن كسوة رامشت للكعبة، استقامت عليه بستة آلاف دينار وأنه كساها فى سنة إحدى وثلاثين.
ومن مآثره فى الحرم، حطيم عمله لإمام الحنابلة بالمسجد الحرام، على ما ذكر ابن جبير فى أخبار رحلته؛ لأنه قال فيها: وللحنبلى حطيم معطل، وهو قريب من حطيم الحنفى، وهو منسوب إلى رامشت، أحد الأعاجم ذوى الثراء. وكانت له فى الحرم آثارا كريمة من النفقات، رحمه الله تعالى. انتهى.
توفى رامشت هذا، فى شعبان سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وحمل إلى مكة، فوصل