تبارك وتعالى هتك ستر الحجاج، أمرنا أمير المؤمنين سليمان بلعنه فالعنوه لعنه الله. وكانت قريش بمكة أهل كثرة وثروة، وأهل مقال فى كل مقام، هم أهل النادى والبلد، وعليهم يدور الأمر، وفى الناس يومئذ بقية ومسكة، فأحدث خالد بن عبد الله فى ولايته هذه حدثا منكرا. فقام إليه رجل من بنى عبد الدار بن قصى، يقال له طليحة بن عبد الله بن شيبة، ويقال بل هو عبد الله بن شيبة الأعجم، كما سمعت رجلا من أهل مكة يحدث بذلك، فأمره بالمعروف ونهاه عما فعل، فغضب خالد غضبا شديدا، وأخاف الرجل، فخرج الرجل إلى سليمان بن عبد الملك يشكو إليه ويتظلم منه. فحدثنا الزبير بن أبى بكر قال: حدثنا محمد بن الضحاك، عن أبيه، قال: أخاف رجلا من بنى عبد الدار، خالد بن عبد الله القسرى، وهو عامل على مكة، فخرج إلى سليمان بن عبد الملك فشكا إليه أمره. فكتب إلى خالد، أن لا يتعرض له بأمر يكرهه. فلما جاء الكتاب، وضعه ولم يفتحه، وأمر به فبرز وجلده، ثم فتح الكتاب فقرأه، فقال: لو كنت دريت بما فى كتاب أمير المؤمنين لما ضربتك. فرجع العبدرىّ إلى سليمان فأخبره فغضب، وأمر بالكتاب فى قطع يد خالد. فكلمه فيه يزيد بن المهلب، وقبّل يده، فوهب له يده، وكتب فى قوده منه، فجلد خالدا مثل ما جلده. فقال الفرزدق (?) [من الطويل]:

لعمرى لقد صبّت (?) على ظهر خالد ... شآبيب ما استهللن من سبل القطر

أيجلد فى العصيان من كان عاصيا (?) ... ويعصى (?) أمير المؤمنين أخا قسر

وقال أيضا (?) [من الطويل]:

سلوا خالدا لا قدس (?) الله خالدا ... متى وليت قسر قريشا تهينها (?)

أبعد رسول الله أم قبل عهده (?) ... وجدتم قريشا قد أغث سمينها (?)

رجونا هداه لا هدى الله قلبه (10) ... وما (11) أمه بالأم يهدى جنينها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015