فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة فهم جوبان بمحاربة أبى سعيد، فلم يتمكن من ذلك. ثم ظفر أبو سعيد بجوبان، فقتله.
وكتب أبو سعيد إلى الناصر صاحب مصر، فساله قتل تمرباش بن جوبان. وكان هرب بعد قتل أخيه، وقصد الديار المصرية، فأقام بها مدة، ثم قتل بأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون، على أن أبا سعيد يقتل الأمير قراسنقر المنصورى. وكان خارجا عن طريقة الناصر، وهو مقيم عند أبى سعيد. فاتفق أن قراسنقر مات قبل قتل تمرباش بن جوبان بهراة [ ..... ] (?) من سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وفيها قتل جوبان، وحمل جوبان بأمر أبى سعيد مع الحجاج العراقيين. فوقفوا به عرفة، ودخلوا به مكة ليلا وطافوا به، وصلوا عليه، ثم توجهوا به إلى المدينة النبوية، ليدفن فى تربة له هناك. فلم يمكن من ذلك أمير بالمدينة، وقال: لا بد من إذن السلطان، يعنى صاحب مصر، فدفن جوبان بالبقيع، فى سلخ ربيع الآخر من سنة تسع وعشرين، ودفن معه بالبقيع ولده، وكانا فى هذه المدة بقلعة المدينة، وهذه التربة غربى المسجد النبوى، تقرب من باب المسجد المعروف الآن بباب الرحمة، فى مدرسة أنشأها جوبان، وأنفق عليها أموالا كثيرة، فجاءت فى غاية الحسن.
وله من المآثر بمكة: عمارة عين بازان فى سنة ست وعشرين وسبعمائة. وقد ذكرنا فى شفاء الغرام ومختصراته، تاريخ جريانها فى هذه السنة. وما حصل بها لأهل مكة من النفع، لشدة احتياجهم إلى ذلك بسبب قلة الماء بمكة. وفر الله تعالى له الثواب فى ذلك.
وذكره الذهبى فى ذيل سير النبلاء. فقال: جوبان الوسى؟ ؟ ؟ (?) الكبير، نائب المملكة المغلى. كان رجلا شجاعا مهيبا شديد العطاء كبير الشأن، كثير الأموال عالى الهمة، صحيح الإسلام. وله حظ من صلات، وبر، بذل ذهبا كثيرا، حتى أوصل الماء إلى بطن مكة. وقيل: إنه أخذ من الرشيد ألف ألف دينار، وكانت ابنته بغداد زوجة أبى سعيد، وابنه تمرباش، متولى ممالك الروم، وابنه دمشق، قائد عشرة آلاف. وكان سلطانه أبو سعيد تحت يده، ثم زالت سعادتهم، وتنمر لهم أبو سعيد، فقتل دمشق، وفر أبوه جوبان إلى والى هراة لائذا به، فقتله بأمر أبى سعيد، فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. ولعله من أبناء الستين.