وولاة الأمر على أنهم قصدوا بذلك حصول الأغراض الدنيوية المساعدة للأحوال الدينية، فاعلمه، والله أعلم.
ومنها: أن يكون شديد التوقي من محدثات الأمور، وإن اتفق عليها الجمهور1 فلا تغتر بإطباق الخلق على ما حدث بعد الصحابة، وكن حريصا على التفتيش عن سير الصحابة وأعمالهم، أكانوا مهتمين بالتصدير والمناظرة، والقضاء والولاية، وتولي الأوقاف والوصايا، ومال الأيتام، ومخالطة السلاطين ومجاملتهم في العشرة، أو في الخوف والحزن، والتفكر والمجاهدة، إلى غير ذلك من علوم الباطن.
واعلم يقينا أن أعلم أهل الزمان أشبههم بالصحابة وأعرفهم بطريقهم، فعنهم أُخذ الدين، قال علي رضي الله عنه: خيرنا أتبعنا لهذا الدين2، وقال ابن مسعود: أنتم في زمان خيركم فيه المسارع في الأمور، وسيأتي بعدكم زمان يكون خيركم المتثبت المتوقف؛ لكثرة الشبهات3، وقال حذيفة رضي الله عنه: أعجب من هذا أن معروفكم اليوم منكر زمان قد مضى، وأن منكركم معروف زمان قد يأتي، وأنكم لا تزالون بخير ما عرفتم الحق، وكان العالم فيكم غير مُستَخَف به4.
قال الغزالي5 وقد صدق: فأكثر معروفات هذه الأعصار منكرات في عصر الصحابة؛ إذ من غرر المعروف في زماننا تزيين المساجد، وإنفاق الأموال العظيمة في عمارتها، وبسط البسط الرفيعة فيها، ولقد كان يعد فرش البواري