وفيه مسائل 1:
إحداها: في صفة المستفتي2، كل من لم يبلغ درجة المفتي فيما يسأل عنه من الأحكام الشرعية، فهو مستفتٍ مقلد من يفتيه، والمختار في التقليد أنه قبول قول من يجوز عليه الإصرار على الخطأ بغير حجة على عين ما قبل قوله، ويجب على الاستفتاء إذا نزلت به حادثة، فإن لم يجد ببلده من يستفتيه وجب عليه الرحيل إلى من يفتيه وإن بعدت داره، وقد رحل خلائق من السلف في المسألة الواحدة الليالي والأيام3.
والثانية4: يلزم المستفتي أن يستفتي من عرف علمه وعدالته، فإن جهلت فالأصح الاكتفاء بستارته، ولو جهل علم لزمه البحث عنه، ولا يجوز له استفتاء من انتسب للعلم وانتصب للتدريس والإقراء، وإذا وجب البحث فهل يفتقر إلى عدد التواتر أم يكفي عدل أو عدلان احتمالان صحح الغزالي الثاني، والذي قاله الأصحاب أنه يجوز استفتاء من استفاضت أهليته، وإذا اجتمع اثنان فأكثر ممن يجوز استفتاؤهم فله استفتاء من شاء منهم على الصحيح، قال أبو عمرو بن الصلاح: متى اطلع على الأوثق فالأظهر أنه يلزمه تقليده، كما يجب تقديم أرجح الدليلين وأوثق الراويين، فعلى هذا يلزمه تقليد أورع العالمين، وأعلم الورعين، فإن جهل حالهم تخير، والأصح جواز تقليد الميت مطلقا،