ويعلم أن ذله لشيخه عز، وخضوعه له فخر، وتعظيم حرمته مثوبة، والتشمير في خدمته شرف، قال صلى الله عليه وسلم: "تعلموا العلم، وتعملوا للعلم السكينة والوقار وتواضعوا لمن تعلمون منه"1، وأخذ ابن عباس -رضي الله عنهما- مع جلالته ومزيته بركاب زيد بن ثابت2 -رضي الله عنه- وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا3، ويقال: إن الشافعي -رحمه الله- عوتب على تواضعه للعلماء فقال "من الطويل":
أهين لهم نفسي فهم يكرمونها ... ولن تكرم النفس التي لا تهينها4
ومنها: ألا ينكر عليه، ولا يتأمر عليه، ولا يشير عليه بخلاف رأيه فيرى أنه أعلم بالصواب منه "من الطويل":
وإن عناء أن تعلم جاهلا ... فيزعم جهلا أنك منك أفهم5
بل ينقاد إليه في أموره كلها، ويلقي إليه زمام أمره، ويذعن لنصحه، ويتحرى رضاه، ولا يختار إلا اختياره، ويأتمر بأمره، ولا يخرج عن رأيه، وليدع رأيه، فخطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه، وفي قصة موسى والخضر تنبيه على ذلك6، وبالجملة فيكون معه كالمريض مع الطبيب الماهر الناصح، بل هذا أولى لتفاوت ثمرتيهما، والله أعلم.