عَلَيْهَا حِصْنًا، وَاجْعَلُوا حَوْلَ الْحِصْنِ أَلْفَ قَصْرٍ عِنْدَ كُلِّ قَصْرٍ أَلْفُ عَلَمٍ، يَكُونُ فِي قَصْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ، وَزِيرٌ مِنْ وُزَرَائِي، وَيَكُونُ فَوْقَ كُلِّ عَلَمٍ مِنْهَا نَاطُورٌ قَالَ: فَرَجَعُوا، فَعَمِلُوا تِلْكَ الْقُصُورَ وَالْأَعْلَامَ وَالْحِصْنَ، ثُمَّ أَتَوْهُ، فَأَخْبَرُوهُ بِالْفَرَاغِ مِمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ. قَالَ: فَأَمَرَ أَلْفَ وَزِيرٍ مِنْ أَهْلِ خَاصَّتِهِ، وَمَنْ يَثِقُ بِهِ أَنْ يَتَهَيَّأُوا إِلَى النَّقْلَةِ إِلَى إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، وَأَمَرَ لِتِلْكَ الْأَعْلَامِ بِرِجَالٍ يَسْكُنُونَهَا، وَيُقِيمُونَ فِيهَا لَيْلَهُمْ وَنَهَارَهُمْ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْعَطَاءِ وَالْأَرْزَاقِ، وَالْجِهَازِ إِلَى تِلْكَ الْأَعْلَامِ، قَالَ: وَأَمَرَ الْمَلِكُ مَنْ أَرَادَ مِنْ نِسَائِهِ، وَخَدَمِهِ بِالْجِهَازِ إِلَى إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، فَأَقَامُوا فِي جَهَازِهِمْ إِلَيْهَا عَشْرَ سِنِينَ، فَسَارَ الْمَلِكُ بِمَنْ أَرَادَ، وَخَلَفَ مِنْ قَوْمِهِ فِي عَدَنِ أَبْيَنَ، وَالشُّجَرَاءُ كُثْرٌ مِمَّا سَارَ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّ وَسَارَ إِلَيْهَا لِيَسْكُنَهَا، وَبَلَغَهَا إِلَّا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ صَيْحَةً مِنَ السَّمَاءِ، فَأَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعًا، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمْ يَدْخُلْ إِرَمَ ذَاتَ الْعِمَادِ، وَلَا مَنْ كَانَ مَعَهُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى السَّاعَةِ، فَهَذِهِ صِفَةُ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيَدْخُلُهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَانِكَ هَذَا وَيَرَى مَا فِيهَا، وَيُحَدِّثُ بِمَا فِيهَا، وَلَا يُصَدَّقُ. قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: «يَا أَبَا إِسْحَاقَ، هَلْ تَصِفُهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، هُوَ رَجُلٌ أَحْمَرُ أَشْقَرُ قَصِيرٌ، عَلَى حَاجِبِهِ