هَذَا الْمَثَلِ، لَا جَرَمَ لَا أَطْلُبُ أَثَرًا فِي الْبِلَادِ، وَبَعْدَ مَسِيرِي هَذَا حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ رَاجِعًا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطِ الظُّلُمَاتِ وَطِئَ الْوَادِيَ الَّذِي كَانَ فِيهِ زَبَرْجَدٌ فَقَالَ الَّذِينَ مَعَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، مَا هَذَا الَّذِي تَحْتَكَ، وَسَمِعُوا خَشْخَشَةً تَحْتَهُمْ، قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: خُذُوا فَإِنَّهُ مِنْ أَخَذَ نَدِمَ، وَمَنْ تَرَكَ نَدِمَ، فَأَخَذَ مِنْهُ الرَّجُلُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَتَرَكَ عَامَّتُهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا شَيْئًا، فَلَمَّا خَرَجُوا فَإِذَا هُوَ زَبَرْجَدٌ، فَنَدِمَ الْآخِذُ وَالتَّارِكُ، ثُمَّ رَجَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِهَا، فَأَقَامَ بِهَا، حَتَّى مَاتَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ أَخِي ذَا الْقَرْنَيْنِ، لَوْ ظَفِرَ بِالزَّبَرْجَدِ فِي مَبْدَئِهِ مَا تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يُخْرِجَهُ إِلَى النَّاسِ، لِأَنَّهُ كَانَ رَاغِبًا فِي الدُّنْيَا، وَلَكِنَّهُ ظَفِرَ بِهِ، وَهُوَ زَاهِدٌ فِي الدُّنْيَا لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا» وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا