بِالطَّيْرِ وَمَا قَالَ لَهُ، وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ أَهْلَ عَسْكَرِهِ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ هَذَا الْحَجَرِ، مَا أَمْرُهُ؟ فَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ كِفَّتَيِ الْمِيزَانِ، فَوَضَعُوا الْحَجَرَ فِي إِحْدَى الْكِفَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذُوا حَجَرًا مِثْلَهُ، فَوَضَعُوهُ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى، فَإِذَا الْحَجَرُ الَّذِي جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِثْلُ جَمِيعِ مَا وُضِعَ مَعَهُ حَتَّى وَضَعُوا مَعَهُ أَلْفَ حَجَرٍ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، انْقَطَعَ عِلْمُنَا دُونَ ذَلِكَ، أَسِحْرٌ هَذَا أَمْ عِلْمٌ؟ مَا نَدْرِي هَذَا. قَالَ: وَالْخَضِرُ يَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِلْخَضِرِ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ هَذَا عِلْمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ الْمِيزَانَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ، فَوَضَعَهُ فِي إِحْدَى الْكِفَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا مِنْ تِلْكَ الْأَحْجَارِ مِثْلَهُ، فَوَضَعَهُ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى، ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، فَوَضَعَهُ مَعَ الْحَجَرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَ الْمِيزَانَ، فَاسْتَوَى. قَالَ: فَخَرَّ الْعُلَمَاءُ سُجَّدًا وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ مَا نَبْلُغُهُ. قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِلْخَضِرِ: فَأَخْبِرْنِي مَا هَذَا؟ قَالَ الْخَضِرُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّ سُلْطَانَ اللَّهِ قَاهِرٌ لِخَلْقِهِ، وَأَمْرُهُ نَافِذٌ فِيهِمْ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ابْتَلَى خَلْقَهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، فَابْتَلَى الْعَالِمَ بِالْعَالِمِ، وَابْتَلَى الْجَاهِلَ بِالْجَاهِلِ، وَابْتَلَى الْجَاهِلَ بِالْعَالِمِ، وَالْعَالِمَ بِالْجَاهِلِ، وَإِنَّهُ ابْتَلَانِي بِكَ، وَابْتَلَاكَ بِي. قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: حَسْبُكَ، قَدْ قُلْتَ فَأَخْبِرْنِي. قَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصُّورِ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَبَّبَ لَكَ الْبِلَادَ، وَأَعْطَاكَ مِنْهَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا، وَأَوْطَأَكَ مِنْهَا مَا لَمْ يُوطِئْ أَحَدًا، فَلَمْ تَشْبَعْ، فَأَبَتْ نَفْسُكَ إِلَّا شَرَّهَا، حَتَّى بَلَغْتَ مِنْ سُلْطَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ، وَمَا لَمْ يَطْلُبْهُ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصُّورِ، فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ لَا يَشْبَعُ أَبَدًا دُونَ أَنْ يُحْثَى عَلَيْهِ التُّرَابُ. قَالَ: فَهَوْنًا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقْتَ يَا خَضِرُ فِي ضَرْبِ