كَالْحَجَرِ الْمُلْقَى قَدْ أَحْصَى اللَّهُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ حَتَّى يَجْزِيَهُ فِي آخِرَتِهِ، ثُمَّ تَنَاوَلَ جُمْجُمَةً أُخْرَى بَالِيَةً فَقَالَ: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، أَتَدْرِي مَنْ هَذَا قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: مَلِكٌ مَلَّكَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَهُ قَدْ كَانَ يَرَى مَا يَصْنَعُ الَّذِي قَبْلَهُ بِالنَّاسِ مِنَ الظُّلْمِ، وَالْغَشْمِ، وَالتَّجَبُّرِ فَتَوَاضعَ لِلَّهِ وَخَشَعَ لِلَّهِ، وَعَمِلَ بِالْعَدْلِ فِي أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، فَصَارَ كَمَا تَرَى قَدْ أَحْصَى اللَّهُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ حَتَّى يَجْزِيَهُ فِي آخِرَتِهِ، ثُمَّ أَهْوَى إِلَى جُمْجُمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ: وَهَذِهِ الْجُمْجُمَةُ كَأَنْ قَدْ كَانَتْ كَهَاتَيْنِ، فَانْظُرْ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ مَا أَنْتَ صَانِعٌ. فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ: هَلْ لَكَ فِي صُحْبَتِي، فَأَتَّخِذَكَ أَخًا وَوَزِيرًا، وَشَرِيكًا فِيمَا آتَانِيَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ هَذَا الْمَالِ؟ قَالَ: مَا أَصْلُحُ أَنَا وَأَنْتَ فِي مَكَانٍ، وَلَا أَنْ نَكُونَ جَمِيعًا. قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: وَلِمَ؟ قَالَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لَكَ عَدُوٌّ وَلِي صَدِيقٌ. قَالَ: وَعَمَّ ذَلِكَ؟ قَالَ: يُعَادُونَكَ لِمَا فِي يَدَيْكَ مِنَ الْمُلْكِ وَالْمَالِ، وَلَا أَجِدُ أَحَدًا يُعَادِينِي لِرَفْضِي ذَلِكَ، وَلِمَا عِنْدِي مِنَ الْحَاجَةِ وَقِلَّةِ الشَّيْءِ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ "