وتفقه أنها هي - الأمة المسلمة - المهتدية بهدى اللّه، المنطلقة في الأرض بإذن اللّه لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة اللّه وحده وأنها هي المستخلفة عن اللّه في الأرض الممكنة فيها لا لتستعلي هي وتستمتع ولكن لتعلي كلمة اللّه وتجاهد في سبيل اللّه ولتعمر الأرض بالحق وتحكم بين الناس بالقسط وتقيم في الأرض مملكة اللّه التي تقوم على العدل بين الناس .. وكل ذلك فقه يسكب في قلوب العصبة المؤمنة النور والثقة والقوة واليقين ويدفع بها إلى الجهاد في سبيل اللّه في قوة وفي طمأنينة للعاقبة تضاعف القوة. بينما أعداؤها «قوم لا يفقهون». قلوبهم مغلقة، وبصائرهم مطموسة وقوتهم كليلة عاجزة مهما تكن متفوقة ظاهرة. إنها قوة منقطعة معزولة عن الأصل الكبير! وهذه النسبة .. واحد لعشرة .. هي الأصل في ميزان القوى بين المؤمنين الذين يفقهون والكافرين الذين لا يفقهون .. وحتى في أضعف حالات المسلمين الصابرين فإن هذه النسبة هي: واحد لاثنين: «الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ» ..
وقد فهم بعض المفسرين والفقهاء أن هذه الآيات تتضمن أمرا للذين آمنوا ألا يفر الواحد منهم من عشرة في حالة القوة، وألا يفر الواحد من اثنين في حالة الضعف .. وهناك خلافات فرعية كثيرة لا ندخل نحن فيها .. فالراجح عندنا أن الآيات إنما تتضمن حقيقة في تقدير قوة المؤمنين في مواجهة عدوهم في ميزان اللّه وهو الحق وأنها تعريف للمؤمنين بهذه الحقيقة لتطمئن قلوبهم، وتثبت أقدامهم وليست أحكاما تشريعية - فيما نرجح - واللّه أعلم بما يريد. (?)