لقد قرر (القرآن الكريم) ابتداء خسران الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم اللّه - افتراء على اللّه - وأعلن ضلالهم المطلق في هذه التصورات والمزاعم التي ينسبونها إلى اللّه بغير علم.
ثم لفت أنظارهم إلى أن اللّه هو الذي أنشأ لهم هذه الأموال التي يتصرفون فيها هذه التصرفات .. هو الذي أنشأ لهم جنات معروشات وغير معروشات. وهو الذي خلق لهم هذه الأنعام .. والذي يرزق هو وحده الذي يملك، وهو وحده الذي يشرع للناس فيما رزقهم من هذه الأموال .. وفي هذه اللفتة استخدم حشدا من المؤثرات الموحية من مشاهد الزروع والثمار والجنات المعروشات وغير المعروشات، ومن نعمة اللّه عليهم في الأنعام التي جعل بعضها حمولة لهم يركب ويحمل وبعضها فرشا، يؤكل لحمه ويفرش جلده وصوفه وشعره .. كما استخدم ذكرى العداء المتأصل بين بني آدم والشيطان. فكيف يتبعون خطوات الشيطان، وكيف يستمعون لوسوسته وهو العدو المبين؟! بعد ذلك استعرض في تفصيل شديد سخافة تصوراتهم فيما يختص بالأنعام، وخلوها من كل منطق، وألقى الأضواء على ظلمات التصورات حتى لتبدو تافهة مهلهلة متهافتة .. وفي نهاية هذا الاستعراض يسأل: علام ترتكنون في هذه التشريعات الخالية من كل حجة ومنطق: «أم كنتم شهداء إذ وصاكم اللّه بهذا؟» فكان ذلك سرا تعلمونه أنتم ووصية خاصة بكم! ويشنع بجريمة الافتراء على اللّه، وإضلال الناس بغير علم. ويجعل هذا التشنيع أحد المؤثرات المتنوعة التي يستخدمها ..
وهنا يقرر السلطة صاحبة الحق في التشريع. ويبين ما حرمته هذه السلطة فعلا من المطاعم. سواء ما حرم على المسلمين وما حرم على اليهود خاصة وأحله اللّه للمسلمين.
ثم يناقش إحالتهم هذه الجاهلية - الممثلة في الشرك باللّه وتحريم ما أحل اللّه وكلاهما في مستوى الآخر من ناحية دلالته ووصفه الشرعي عند اللّه - على إرادة اللّه وقولهم: «لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيء» .. فيقرر أن هذه المقالة هي مقالة كل