الراحمين". هذا ما نقله المزني في "المختصر"، وورد في الباب عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: "صلَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة فحفظت من دعائه "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بالْمَاءِ، وَالثَّلْجِ، وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ وَأَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلهِ، وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْر، وَعَذَابَ النَّار"، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ ذلِكَ المَيِّتَ (?).
وعن ابن القاصّ -رضي الله عنه- دعاء آخر قال في "الشامل": وعليه أكثر أهل خُرَاسَانَ، وهو ما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلَّى على الجَنَازة قال: "اللَّهُمَّ اغْفِر لِحَيِّنَا، وَمَيَّتِنَا، وَشَاهِدِنَا، وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا، وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإسْلاَمِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَّفَّهُ عَلَى الإيْمَانِ" (?)، فإن كان الميت امرأة قال: اللَّهُمَّ هذه أَمَتُكَ وبنت عبدك، ويؤنِّث الكِنَايات، وإن كان الميت طِفْلاً اقتصر على المَرْوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ويضيف إليه: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرْطاً لِأبوَيْهِ وَسَلَفاً وَذُخْراً وَعِظَةً وَاعْتِبَاراً وَشَفِيعاً وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَفْرغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، وَلاَ تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ، وَلاَ تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ.
وقوله في الكتاب: "ويستحب الدعاء للمؤمنين والمؤمنات عند الدعاء للميت" أعلم بالواو؛ لأنه حكى في "الوسيط" تردُّداً في ذلك، ثم قال: "والأصح الاسْتحباب" ولعلَّك تقول قوله عند الدعاء للميت يقتضي اسْتِحْبَاب الدُّعاء للمؤمنين والمؤمنات بعد التَّكبيرة الثَّالثة مع الدعاء للميت، والجمهور قاله باستحبابه في الثانية، كما سبق وذكروا أنه يخلص في الثالثة الدّعاء للميت، فكيف سبيل الجمع؟ والتَّردد الذي رواه في "الوسيط" ليس له ذكر في كلام الأصحاب، فعلى ماذا ينزل؟
والجواب: أنَّ إمام الحرمين حكى في اسْتِحْبَابه تردُّداً للأئمَّة في التَّكبيرة الثَّانية ووجه استحبابه؛ لأن الصلاة على النبي في التَّشهد الأخير يستعقب الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، فكذلك في هذه الصلاة، فإن أراد حجة الإسلام -قدس الله روحه- هذا التردُّد فالوجه أن يؤول كلمة "عند"، ويقال. أراد النظر في أنه هل يدعو للمؤمنين والمؤمنات في هذه الصلاة مع الدعاء للميت؟ ويجوز أن يحمل ما ذكره على الدُّعاء الَّذِي ذكره ابْنُ القاص؛ فإنَّه دعاء لِلْمُؤْمنين والمؤمنات وما قبله يختصُّ بالميت، ولا