وقوله: "يستعمل قدراً من الكَافور" مرقوم بالحاء؛ لأن أبا حنيفة قال: لا أعرف الكَافور وذكر في السِّدْر أنه يغسل مرة بالماء القراح وأخرى بالسدر وثالثة بالمَاءِ القُرَاح.
قال الغزالي: فَإِنْ خَرَجَتْ نَجَاسَةٌ بَعْدَ الغُسْلِ أُزِيلَتِ النَّجَاسَةُ وَلَمْ يُعَدِ الغُسْلُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي إِعَادَةِ الوُضُوءِ وَجْهَانِ.
قال الرافعي: يتعهَّد الغاسل مسح بطن الميت في كل مره بأرفق ممَّا قبلها، فلو خرجت منه نجاسة في آخر الغسلات أو بعدها ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها -وبه قال ابن أبي هريرة-: يجب إعادة غسله ليكون خاتمة أمره على كمال الطهارة. والثاني: لا يجب ذلك، لكن تجب إعادة الوضوء كالحي يغتسل ثم بحدث فإنه يتوضأ. ويحكى هذا عن أبي إسحاق.
وأصحهما: وبه قال مالك وأبو حنيفة والمزني -رحمهم الله-: أنه لا يجب شيء سوى إزالة النَّجاسة لسقوط الفرض بما وجد وحصول غرض التَّنظيف وربما بنى الخلاف في وجوب الغسل وعدمه على اختلاف قراءة لفظ الشَّافعي -رضي الله عنه- فإنه قال في المَسْألة: إنقاءها بالخرقة، وأعاد غسله، فمنهم من قرأ بضم الغين، وأوجب إعادة الغسل، ومنهم من قرأ بفتحها وحمله على إزالة النجاسة، وربما سلموا أن لفظة الغسل وحملوه على الاسْتِحْبَاب، وإذا قلنا بالوجه الصحيح فلا فرق بين النَّجاسة الخارجة من السَّبيلين وغيرها، وإن قلنا بوجوب الوضوء فذلك في النجاسة الخارجة من السَّبيلين دون غيرها، وإن قلنا: بوجوب الغسل ففي إعادة الغسل لسائر النَّجَاسات احْتمال عند إمام الحَرَمين -قدَّس الله روحه (?) -.
ولو لمس رجل امرأة ميتة بعد غسلها فإن قلنا: يجب إعادة الغسل أو الوضوء بخروج الخارج، فكذلك هاهنا، هكذا أطلق صاحب "التَّهذيب"، وذكر غيره أن هذا الجواب مبني على أن المَلْموس ينتقض طهره (?)، وإن قلنا: لا يجب إلا غسل المحلّ فلا يجب هاهنا شيء.
ولو وطئت [بعد الغسل] فعلى الوجه الأول، والثاني في خروج النجاسة يجب هاهنا إعادة الغسل، وعلى الثالث لا يجب شيء (?).