وأمَّا الحاجة فهو أن يكون به جَرَبٌ، أو حكّة فله لبس الحرير لذلك لما روي أنه: "رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا" (?). وفي "التنبيه" حكاية وجه: أنه لا يجوز والمشهور الأول، وكذلك يجوز لبسه لدفع القمل؛ لأن في بعض الروايات أن ابن الزبير وعبد الرحمن -رضي الله عنهما- شَكَيَا الْقُمَّلَ في بعض الْأَسْفَارِ فَرَخَّصَ رَسُولُ اللهِ لَهُمَا فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ" (?). وهل يشترط السَّفر في ذلك أم يجوز لمجرد الحَكَّة في الحضر؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا يشترط لإطلاق الخبر.
والثاني: نعم، لأن السَّفر شاغل عن التَّفقد والمعالجة.
وفي الرواية الثَّانية ما يقتضي اعتباره في دفع القُمَّل، -والله أعلم-.
قال الغزالي: ثُمَّ إذَا تَزَيَّنَ فَلْيَقصِدِ الصَّحْرَاءَ مَاشِياً، وَالصَّحْرَاءُ أَوْلَى مِنَ المَسْجِدِ إِلاَّ بِمَكَّةَ، وَلْيَكُنِ الخُرُوجُ فِي عِيدِ الأَضْحَى أَسْرَعَ قَلِيلاً.
قال الرافعي: لما تكلم في استحباب التَّزين لصلاة العِيد اعترض النظر في التزين المباح، والممنوع منه فعاد بعد الفراغ منه إلى ترتيب السُّنن.
وقال: "ثم إذا تزين فليقصد الصحراء" والفصل يتضمن أموراً:
أحدها: أن الخروج لصلاة العيد إلى الصَّحراء أولى، أم إقامتها في المسجد الجامع.
أما "بمكّة" فإقامتها في المسجد أولى؛ لأن الأئمة كانوا يصلّون صلاة العيد فيه والمعنى فيه فضيلة البقعة، ومشاهدة الكعبة وغيرهما، وألْحَق الصّيدلاني "بيت المقدس" به. وأما سائر البلاد فينظر إن كان هناك عذر من مطر أو ثلج، فإقامتها في المسجد أوْلى، لما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أَصَابَنَا مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ في الْمَسْجِدِ" (?).
وإن لم يكن عذر نظر إن كان المسجد ضيقاً فالخروج إلى الصحراء أولى بل ويكره إقامتها في المسجد لوقوع النَّاس في الزِّحام وعسر الأمر عليهم وإن كان المسجد واسعاً. ففيه وجهان حكاهما الإمام عن صاحب "التقريب":
أحدهما -وهو الموافق لمطلق لفظ الكتاب-: إن أقمتها في الصّحراء أولى، لأن