الرَّابِعَةِ طَهُورٌ لِعَدَمِ المَعْنَيَينِ، وأمَّا المُسْتَعْمَلُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَوْ فِي تَجْدِيدِ الوُضُوءِ أَوْ فِي غسلِ الذِّمِّيَّةِ إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنَ الحَيْضِ لِيَحِلَّ لِلزَّوْجِ غَشَيَانُهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ لِوُجُودِ أَحَدِ المَعْنَيَينِ دُونَ الثَّاني.
قال الرافعي: استثناء المستعمل من الباقي على أوصاف الخِلْقَةِ يبين أنه ليس المراد من الأوصاف كل ما يصح وصف الماء به، حتى الإضافات، والاعتبارات وإلا فإنه قبل الاستعمال مَوْصُوفٌ بأنه غير مستعمل، وبعده بأنه مستعمل، فلا يكون باقياً على الأوصاف كلها، حتى يستثنى منه، وإنما المراد الصفات المعنوية، ثم الاعتبار منها باللَّوْنِ، وَالطَّعْمِ، وَالرَّائِحَةِ، وهي المنظور إليها في التغير بالنَّجَاسَةِ كما سيأتي، والصفات المعنوية باقية بحالها في المستعمل ثم هو غير طهور على المذهب فوجب استثناؤه.
وفقه الفصل. أن الماء المستعمل في الحديث طاهر، وفي رواية عن أبي حنيفة -رحمه الله- هو نجس، وبه قال أبو يوسف (?) -رحمه الله-.
لنا وجهان، أحدهما: قال -صلى الله عليه وسلم-: "خَلَقَ الله الْمَاءَ طَّهُوراً، لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أوْ رِيْحَهُ" (?) ولا تغير هاهنا.
والثاني: أن الصحابة فمن بعدهم كانوا يتوضؤن في ثِيَابِهِمْ، ولا يَحْتَرِزُونَ عما يَتَقَاطَرُ عليهم وعلى ثيابهم، وهل هو طهور أم لا؟ قال في الجَدِيدِ: لا، لأنهم ما كانوا يجمعون المياه المستعملة للاستعمال، ثانيًا، ولو جاز الاستعمال لجمعوها كي لا يحتاجوا إلى التَّيَمُّمِ، وحكى عن القديم، أنه طهور، وبه قال مالك (?) -رحمه الله-؛ لأن الطَّهُورَ ما يتكرر منه الطهارة، كَالقَتُولِ، وَالشَّتُومِ من يتكرر منه الفعل، ولأنه ماء بَاقٍ على إطلاقه، فأشبه غيره.
ومنهم من لم يثبت هذا القول، وجزم بالجديد، وسواء ثبت أم لا فَالفَتْوَى على الجديد. ثم ذكر الأصحاب في أنه لم سقطت طهورية المستعمل معنيين: