قلنا إن السَّبْقَ بتمام الركوع مُبْطِلٌ لأنه لا تظهر به المخالفة، وفي "التتمة" حكاية وجه ضعيف أنه يبطل كالركوع، وعلى هنا المذهب هل تقع محسوبة أو يجب إعادتها مع قراءة الإمام أو بعدها؟ فيه وجهان:

أظهرهما: أنها تقع محسوبة.

إذا عرفت ما ذكرناه ونظرت في قوله: (والتقدم كالتخلف) سبق إلى فهمك أنه جواب على ما ذكره العراقيون، وحكوه عن النَّصِّ وهو أن التقدم بركن واحد لم يبطل، وهذا هو الذي أورده في التخلف، وحمل قوله: (وقيل: إنه يبطل، وإن كان بركن واحد) على ما رواه الصيدلاني، وغيره هذا تنزيل صحيح لكنه نقل الوجه الثاني، في "الوسيط" عن الشيخ أبي محمد، وليس في "النهاية" تعرض لذلك، والمشهور عنه (?) ما قدمناه أن المبادرة إلى الركن مبطلة (?)، أن لم يسبق بتمامه، فإن لم يثبت عن الشيخ إلاَّ ذا وإن كان القول به قولاً بالبطلان عند السبق بتمام الركن فإن كان المراد ما اشتهر عن الشيخ فالتقدم في لفظ الكتاب، وفي "الوسيط" محمول على المبادرة إلى الركن، من غير أن يسبق بتمام -والله أعلم-.

قال الغزالي: فُرُوعٌ المَسْبُوقُ يَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّر لِلْعَقْدِ ثُمَّ لِلْهَويَ، فَإنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ جَازَ، إِلاَّ إِذَا قَصَدَ بِهِ الهَوِيَّ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِتَعَارِضُ القَرِينَةِ.

قال الرافعي: المسبوق إذا أدرك الإمام في الركوع يكبر للافتتاح، وليس له أن يشتغل بقراءة الفاتحة، بل يهوي للركوع ويُكَبِّرُ له تكبيرةً أخرى؛ وكذلك الحكم لو أدركه قائماً فكبر، وركع الإمام كما كَبَّر، ولو اقتصر على تكبيرة واحدة، فلا يخلو من إحدى أحوال أربع:

الأول: أن ينوي بها تكبيرة الافتتاح فتصح صلاته؛ لأن تكبيرة الركوع سُنَّة، ويشترط وقوعها في حال القيام كما تقدم.

الثاني: وأن ينوي بها تكبيرة الركوع، فلا تصح.

الثالث: وأن ينوي بهما جميعاً، فظاهر المذهب أنها لا تصح أيضاً؛ لأنه يشرك بين الفرض وغيره، الذي لو اقتصر على قصد الفرض لم يحصل به ذلك الغير، فأشبه ما لو تحرم بفريضة ونافلة، ويخالف ما إذا اغتسل للجنابة والجمعة ونظائره.

وفيه وجه أن صلاته تنعقد نفلاً، نقله القاضي ابن كج عن حكاية أبي حامد القَاضِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015